للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨- وأن يتدبر ما يقرأ، لأن هذا هو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهم. وذلك بأن يُشغل قلبه بالتفكير في معنى ما يقرأ، ويتجاوب مع كل آية بمشاعره وعواطفه، دعاء واستغفارًا، ورحمة، وعذابًا. قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} ١، وعن حذيفة قال: "صليتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوَّذ"٢.

٩- أن يتأثر بآيات القرآن وعدًا ووعيدًا، فيحزن ويبكي لآيات الوعيد فزعًا ورهبة وهولًا، قال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} ٣، وفي حديث ابن مسعود قال: "قال لي رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "اقرأ عليَّ القرآن". قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: "نعم.. إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} ٤, قال: "حسبك الآن. فالتفتُّ فإذا عيناه تذرفان" ٥, قال في شرح المهذب: وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرأ من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يفكر في تقصيره فيها فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء فليبك على فقد ذلك فإنه من المصائب.

ورَوَى ابن ماجه عن أنس قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "يخرج قوم في آخر الزمان -أو في هذه الأمة- يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم -أو حلوقهم- إذا رأيتموهم -أو إذا لقيتموهم- فاقتلوهم".

١٠- وأن يُحسِّن صوته بالقراءة، فإن القرآن زينة للصوت، والصوت الحسن أوقع في النفس، وفي الحديث: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم" ٦.


١ سورة ص: ٢٩.
٢ أخرجه مسلم.
٣ الإسراء: ١٠٩.
٤ النساء: ٤١.
٥ أخرجه البخاري وغيره.
٦ رواه ابن حبان وغيره.

<<  <   >  >>