للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١- وأن يجهر بالقراءة حيث يكون الجهر أفضل. لما فيه من إيقاظ القلب، وتجديد النشاط، وانصراف السمع إلى القراءة، وتعدي نفعها إلى السامعين، واستجماع المشاعر للتفكير والنظر والتدبر. أما إذا خشي بذلك الرياء، أو كان فيه أذًى للناس كإيذاء المصلين فإن الإسرار يكون أفضل، قال, صلى الله عليه وسلم: "ما أَذِن الله لشيء ما أَذِن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به" ١.

١٢- واختلفوا في القراءة في المصحف والقراءة على ظهر قلب، أيهما أفضل؟ على ثلاثة أقوال٢:

أحدها: أن القراءة في المصحف أفضل، لأن النظر فيه عبادة، فتجتمع القراءة والنظر.

وثانيها: أن القراءة على ظهر القلب أفضل، لأنها أدعى إلى حسن التدبر، وهو الذي اختاره العز بن عبد السلام وقال: "قيل: القراءة في المصحف أفضل، لأنه يجمع فعل الجارحتين: وهما اللسان والعين، والأجر على قدر المشقة، وهذا باطل، لأن المقصود من القراءة التدبر، لقوله تعالى: {لِّيَدَّبَّرُواُ آيَاِتِه} ٣, والعادة تشهد أن النظر في المصحف يخل بهذا المقصود فكان مرجوحًا".

وثالثها: أن الأمر يختلف باختلاف الأحوال، فإن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب أكثر مما يحصل له من المصحف, فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل.


١ أخرجه البخاري ومسلم.
٢ انظر "البرهان" للزركشي جـ١ ص٤٦١.
٣ سورة ص: ٢٩.

<<  <   >  >>