قرآن قرأناه حتى رُفِع:"أن بلِّغوا عنا قومنا أنَّا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا" ثم نُسِخَت تلاوته - وبعض أهل العلم يُنكر هذا النوع من النسخ. لأن الأخبار فيه أخبار آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد، قال ابن الحصَّار:"إنما يُرجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن صحابي يقول: آية كذا نسخت كذا، قال: وقد يُحكم به عند وجود التعارض المقطوع به مع علم التاريخ ليُعرف المتقدم والمتأخر، قال: ولا يُعْتمد في النسخ على قول عوام المفسرين، بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقل صريح، ولا معارضة بيِّنة، لأن النسخ يتضمن رفع حكم وإثبات حكم تقرَّر في عهده -صلى الله عليه وسلم- والمعتمد فيه النقل والتاريخ دون الرأي والاجتهاد، قال: والناس في هذا بين طرفي نقيض، فمِن قائل: لا يُقبل في النسخ أخبار الآحاد العدول، ومِن متساهل يكتفي فيه بقول مفسر أو مجتهد، والصواب خلاف قولهما"١.
وقد يقال: إن الآية والحكم المستفاد منها متلازمان؛ لأن الآية دليل على الحكم. فإذا نُسِخَت الآية نُسِخ حكمها. وإلا وقع الناس في لَبْس.
ويُجاب عن ذلك بأن هذا التلازم يسلم لو لم ينصب الشارع دليلًا على نسخ التلاوة، وعلى إبقاء الحكم، أما وقد نصب الدليل على نسخ التلاوة وحدها، وعلى إبقاء الحكم واستمراره فإن التلازم يكون باطلًا، وينتفي اللَّبْس بهذا الدليل الشرعي الذي يدل على نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.