للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الثانية: أن يكون التقييد مختلفًا، كالكفارة بالصوم، قيَّد الصوم بالتتابع في كفارة القتل، قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} ١، وفي كفارة الظِّهار، قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ٢، وجاء تقييده بالتفريق في صوم المتمتع بالحج. قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ٣، ثم جاء الصوم مطلقًا دون تقييد بالتتابع أو التفريق في كفارة اليمين قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} ٤، وفي قضاء رمضان قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ٥, فالمطلق في هذا لا يُحمل على المقيد؛ لأن القيد مختلف. فحمل المطلق على أحدهما ترجيح بلا مرجح.

٤- أن يختلف السبب ويختلف الحكم: كاليد في الوضوء, والسرقة، قُيدت في الوضوء إلى المرافق، وأطلقت في السرقة. قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٦, فلا يُحمل المطلق على المقيد للاختلاف سببًا وحكمًا، وليس في هذا شيء من التعارض.

قال صاحب البرهان٧: "إن وُجِد دليل على تقييد المطلق صير إليه، وإلا فلا والمطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده؛ لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب، والضابط أن الله تعالى إذا حكم في شيء بصفة أو شرط ثم ورد حكم آخر مطلقًا نُظِر، فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به، وإن كان له أصل غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر.


١ النساء: ٩٢.
٢ المجادلة: ٤.
٣ البقرة: ١٩٦.
٤ المائدة: ٨٩.
٥ البقرة: ١٨٤.
٦ المائدة: ٣٨.
٧ الجزء الثاني ص١٥.

<<  <   >  >>