للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الزيادة عليها، ومن هنا كان سحرة فرعون هم أول المؤمنين برب موسى وهارون"١.

والذين تملكهم الغرور، وأصابتهم لوثة الإعجاب بالنفس، وحاولوا التطاول على أسلوب القرآن، حاكوه بكلام فارغ، أشبه بالسخف والتفاهة والهذيان والعبث. وارتدوا على أعقابهم خاسرين، كالمتنبئين وأشباه المتنبئين، من الدجالين والمغرورين.

وقد شهد التاريخ فرسانًا للعربية خاضوا غمارها وأحرزوا قصب السبق فيها، فما استطاع أحد منهم أن تحدثه نفسه بمعارضة القرآن، إلا باء بالخزي والهوان، بل إن التاريخ سجل هذا العجز على اللغة، في أزهى عصورها، وأرقى أدوارها، حين نزل هذا القرآن، وقد بلغت العربية أشدها، وتوافرت لها عناصر الكمال والتهذيب في المجامع العربية وأسواقها، ووقف القرآن من أصحاب هذه اللغة موقف التحدي. في صور شتى، متنزلًا معهم إلى الأخف من عشر سور إلى سورة إلى حديث مثله، فما استطاع أحد أن يباريه أو يجاريه منهم، وهم أهل الأنفة والعزة والإباء. ولو وجدوا قدرة على محاكاة شيء منه، أو وجدوا ثغرة فيه. لما ركبوا المركب الصعب أمام هذا التحدي، بإشهار السيوف، بعد أن عجز البيان، وتحطمت الأقلام.

وتتابعت القرون لدى أهل العربية، وظل الإعجاز القرآني اللغوي راسخًا كالطود الشامخ، تذل أمامه الأعناق خاضعة، لا تفكر في أن تدانيه، فضلًا عن أن تساميه؛ لأنها أشد عجزًا وأقل طمعًا في هذا المطلب العزيز. وسيظل الأمر كذلك إلى يوم الدين.

ولا يستطيع أحد أن يدعي عدم الحاجة إلى معارضة القرآن، وإن كان ذلك ممكنًا، فإن التاريخ يشهد بأنه قد توافرت الدواعي الملحة لدى القوم لمعارضة


١ النبأ العظيم ص٨١.

<<  <   >  >>