وهؤلاء جميعًا من الموالي، وهم يختلفون في الرواية عن ابن عباس قلة وكثرة، كما اختلف العلماء في مقدار الثقة بهم والركون إليهم، والذي ورد فيه شيء ذو بال هو عكرمة، فإن العلماء يختلفون في توثيقه وإن كانوا يشهدون له بالعلم والفضل.
وفي المدينة اشتهر أُبَيُّ بن كعب بالتفسير أكثر من غيره، وكثر ما نُقِل عنه في ذلك. واشتهر من تلاميذه من التابعين الذين أخذوا عنه مباشرة أو بالواسطة: زيد بن أسلم، وأبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي.
وفي العراق نشأت مدرسة ابن مسعود التي يعتبرها العلماء نواة مدرسة أهل الرأي: وعُرف بالتفسير من أهل العراق كثير من التابعين. اشتهر منهم علقمة بن قيس، ومسروق, والأسود بن يزيد، ومرة الهمذاني، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي.
هؤلاء هم مشاهير المفسرين من التابعين في الأمصار الإسلامية الذين أخذ عنهم أتباع التابعين من بعدهم. وخلَّفوا لنا تراثًا علميًّا خالدًا.
واختلف العلماء فيما أثر عن التابعين من تفسير إذا لم يؤثر في ذلك شيء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة، أيؤخذ بأقوالهم أم لا؟
فذهب جماعة إلى أنه لا يؤخذ بتفسيرهم؛ لأنهم لم يشاهدوا القرائن والأحوال التي نزل عليها القرآن، فيجوز عليهم الخطأ في فهم المراد.
وذهب أكثر المفسرين إلى أنه يؤخذ بتفسيرهم؛ لأنهم تلقوه غالبًا عن الصحابة.
والذي يترجح أنه إذا أجمع التابعون على رأي فإنه يجب علينا أن نأخذ به ولا نتعداه إلى غيره.
قال ابن تيمية: "قال شُعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين ليست حُجة، فكيف تكون حُجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حُجة على غيرهم ممن