وقد يقف من السند موقف الناقد البصير أحيانًا، فيعدِّل من رجال الإسناد، ويجرِّح مَن يجرِّح منهم، ويرد الرواية التي لا يثق بصحتها.
ويعتني ابن جرير بذكر القراءات وتوجيهها، ويقال: إنه ألَّف فيها مؤلَّفًا خاصًّا.
ومع روايته الأخبار المأخوذة من القصص الإسرائيلي فإنه كثيرًا ما يتعقبها بالبحث.
ويعتمد ابن جرير على الاستعمالات اللغوية بجانب الروايات المنقولة، ويستشهد بالشعر القديم، ويهتم بالمذاهب النحوية، ويحتكم إلى المعروف من لغة العرب، ويعالج الأحكام الفقهية مجتهدًا، فيذكر أقوال العلماء ومذاهبهم، ويخلص من ذلك برأي يختاره لنفسه ويرجحه.
ويناقش مسائل العقيدة مناقشة فاحصة، يرد فيها على الفرق ومذاهب أهل الكلام، وينتصر لأهل السٌّنَّة والجماعة.
وقد طبعت دار المعارف بمصر كتابه، في إخراج حسن، وخرَّج أحاديثه الأستاذ أحمد محمد شاكر, ولكن هذه الطبعة لم تتم، مع عظيم نفعها، والعناية بتحقيقها.
٣- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - لابن عطية:
ابن عطية من قضاة الأندلس المشهورين، نشأ في بيت علم وفضل، وكان فقيهًا جليلًا، عارفًا بعلوم الحديث والتفسير واللغة والأدب، ذكي الفؤاد، حسن الفهم، من أعيان مذهب المالكية. وكتابه في التفسير يسمى "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز".
وقد لخص فيه ابن عطية ما رُوِيَ من التفسير بالمنقول وأضفى عليه من روحه العلمية الفياضة ما أكسبه دقة ورواجًا، والكتاب يقع في عشر مجلدات كبار وكان مخطوطًا إلى عهد قريب ثم طُبِع في المغرب سنة ١٩٧٥ بتحقيق "المجلس العلمي بفاس-مديرية الشئون الإسلامية- المملكة المغربية" والكتاب له