لأجل سهرك ومتى غلبك النوم فنم فإن للنفس عليك حقا وعن بريدة قال قال رسول الله ﷺ:"من جهر بالقراءة في النهار فارجموه بالبعر".
فصل: وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين فأكثروا من صلاة الليل وفيهم من يسهره كله ويفرح بقيام الليل وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض ثم يقع قبيل الفجر فتفوته الفريضة أو يقم فيتهيأ لها فتفوفته الجماعة أو يصبح كسلان فلا يقدر على الكسب لعائلته ولقد رأيت شيخا من المتعبدين يقال له حسين القزويني يمشي كثيرا من النهار في جامع المنصور فسألت عن سبب مشيه فقيل لي لئلا ينام فقلت هذا جهل بمقتضى الشرع والعقل أما الشرع فان النبي ﷺ قال: "إن لنفسك عليك حقا فقم ونم" وكان يقول: "عليكم هديا قصدا فانه من يشاد هذا الدين يغلبه" وعن أنس بن مالك قال دخل رسول الله ﷺ المسجد وحبل ممدود بين ساريتين فقال: "ما هذا" قالوا لزينب تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به فقال: "حلوه" ثم قال: "ليصلي أحدكم نشاطه فإذا كسل أو فتر فليقعد" وعن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ: "إذا نعس أحدكم فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإذا صلى وهو ينعس لعله يذهب ليستغفر فيذهب فيسب نفسه".
قال المصنف: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم وانفرد بالذي قبله البخاري وأما العقل فان النوم يجدد القوى التي قد كلت بالسهر فمتى دفعه الانسان وقت الحاجة إليه أقر في بدنه وعقله فنعوذ بالله من الجهل فإن قال قائل فقد رويت لنا أن جماعة من السلف كانوا يحيون الليل فالجواب أولئك تدرجوا حتى قدروا على ذلك وكانوا على ثقة من حفظ صلاة الفجر في الجماعة وكانوا يستعينون بالقائلة من قلة المطعم وصح لهم ذلك ثم لم يبلغنا أن رسول الله ﷺ سهر ليلة لم ينم فيها فسنته هي المتبوعة.
فصل: وقد لبس إبليس على جماعة من قوام الليل فتحدثوا بذلك بالنهار فربما قال أحدهم فلان المؤذن أذن بوقت ليعلم الناس أنه كان منتبها فأقل ما في هذا إن سلم من الرياء أن ينقل من ديوان السر إلى ديوان العلانية فيقل الثواب.
فصل: وقد لبس على آخرين انفردوا في المساجد للصلاة والتعبد فعرفوا بذلك واجتمع اليهم ناس فصلوا بصلاتهم وشاع بين الناس حالهم وذلك من دسائس إبليس وبه تقوى النفس على التعبد لعلمها أن ذلك يشيع ويوجب المدح وعن زيد بن ثابت أن النبي ﷺ قال: "إن أفضل