وقال المصنف: فَإِن قيل كيف تمنعون من التقلل وَقَدْ رويتم أن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه كان يأكل كل يوم إحدى عشر لقمة وإن ابْن الزبير كان يبقى أسبوعا لا يأكل وإن إِبْرَاهِيم التميمي بقي شهرين قلنا قد يجري للانسان من هَذَا الفن فِي بعض الأوقات غير أنه لا يدوم عَلَيْهِ ولا يقصد الترقي إليه وَقَدْ كان فِي السلف من يجوع عوزا وفيهم من كان الصبر لَهُ عادة لا يضر بدنه وفي العرب من يبقى أياما لا يَزِيد عَلَى شرب اللبن ونحن لا نأمر بالشبع إنما ننهي عَنْ جوع يضعف القوة ويؤذي البدن وإذا ضعف البدن قلت العبادة فَإِن حملت البدن قوة الشباب جاء الشيب فأقذع بالراكب وقد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الْحَافِظ نا عَبْدُ القادر بن يوسف نا أبو إسحق البرمكي ثنا أَبُو يعقوب بْن سَعْد النسائي ثنا جدي الْحَسَن بْن سفيان ثنا حرملة بْن يَحْيَى ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْن وهب ثنا سفيان بْن عيينة عَنْ مالك بْن أنس عَنْ إسحق بْن عُبَيْد اللَّه بْن أبي طلحة عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ كان يَطْرَحُ لِعُمَرَ بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عنه الصَّاعَ مِنَ التَّمْرِ فَيَأْكُلُهُ حَتَّى حَشْفِهِ وَقَدْ روينا عَنْ إبراهيم بْن أدهم انه اشترى زبدا وعسلا وخبزا حوارى فَقِيلَ لَهُ هَذَا كله تأكله فَقَالَ إذا وجدنا أكلنا أكل الرجال واذا عدمنا صبرنا صبر الرجال.
فصل قال المصنف رحمه اللَّه: وأما الشرب من الماء الصافي فقد تخيره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا ابْن الْحُصَيْنِ نا ابْنُ الْمُذْهِبِ نا أحمد بْن جَعْفَر ثنا فليح بْن سُلَيْمَان عَنْ سَعِيد بْن الحارث عَنْ جابر بْن عَبْدِ اللَّهِ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى قوما من الأنصار يعود مريضا فاستسقى وجدول قريب مِنْهُ فَقَالَ إِنَّ عِنْدَكُمْ مَاءً بَاتَ فِي شَنٍّ وَإِلا كَرَعْنَا أخرجه البخاري وأَخْبَرَنَا منصور القزاز نا أَبُو بَكْرِ الخطيب نا أَبُو عُمَر بْن مَهْدِيٍّ ثنا الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيلَ المحاملي ثنا مُحَمَّد بْن عمرو بْن أبي مدعور ثنا عَبْدُ الْعَزِيز بْن مُحَمَّد نا هشام بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَسْتَقِي لَهُ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنْ بِئْرِ السُّقْيَا.
قال المصنف: وينبغي أن يعلم أن الماء الكدر يولد الحصا فِي الكلى والسدد فِي الكبد وأما الماء البارد فإنه إذا كانت برودته معتدلة فإنه يشد المعدة ويقوي الشهوة ويحسن اللون ويمنع عفن الدم وصعود البخارات إِلَى الدماغ ويحفظ الصحة واذا كان الماء حارا أفسد الهضم وأحدث الترهل وأذبل البدن وأدى إِلَى الاستسقاء والدق فَإِن سخن بالشمس خيف مِنْهُ البرص وَقَدْ كان بعض الزهاد يَقُول إذا أكلت الطيب وشربت الماء البارد متى تحب الموت وكذلك قَالَ أَبُو