يحرك الطباع واندفع الذي كان يكفها عنه عادت العادة والثالث أن العلماء اختلفوا في تحريمه وإباحته وليس فيهم من نظر في السامع لعلمهم أن الطباع تتساوى فمن ادعى خروج طبعه عن طباع الآدميين ادعى المحال والرابع أن الإجماع انعقد على انه ليس بمستحب وإنما غايته الإباحة فادعاء الاستحباب خروج عن الإجماع والخامس انه يلزم من هذا أن يكون سماع العود مباحا أو مستحبا عند من لا يغير طبعه لأنه إنما حرم لأنه يؤثر في الطباع ويدعوها إلى الهوى فإذا أمن ذلك فينبغي أن يباح وقد ذكرنا هذا عن أبي الطيب الطبري.
فصل: قال المصنف ﵀: وقد ادعى قوم منهم أن هذا السماع قربة إلى الله ﷿ قال أبو طالب المكي حدثني بعض أشياخنا عن الجنيد أنه قال تنزل الرحمة على هذه الطائفة في ثلاثة مواطن عند الأكل لأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة وعند المذاكرة لأنهم يتجاوزون في مقامات الصديقين وأحوال النبيين وعند السماع لأنهم يسمعون بوجد ويشهدون حقا.
قال المصنف ﵀ قلت: وهذا إن صح عن الجنيد وأحسنا به الظن كان محمولا على ما يسمعونه من القصائد الزهدية فإنها توجب الرقة والبكاء فأما أن تنزل الرحمة عند وصف سعدى وليلى ويحمل ذلك على صفات الباري ﷾ فلا يجوز اعتقاد هذا ولو صح أخذ الإشارة من ذلك كانت الإشارة مستغرقة في جنب غلبة الطباع ويدل على ما حملنا الأمر عليه أنه لم يكن ينشد في زمان الجنيد مثل ما ينشد اليوم إلا أن بعض المتأخرين قد حمل كلام الجنيد على كل ما يقال فحدثني أبو جعفر أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك عن شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال كان أبو الوفا الفيروزبادي شيخ رباط الزوزني صديقا لي فكان يقول لي والله إني لأدعو لك وأذكرك وقت وضع المخدة والقول قال فكان الشيخ عبد الوهاب يتعجب ويقول أترون هذا يعتقد أن ذلك وقت إجاية إن هذا لعظيم وقال ابن عقيل قد سمعنا منهم أن الدعاء عند حدو الحادي وعند حضور المخدة مجاب وذلك أنهم يعتقدون أنه قربة يتقرب بها إلى الله تعالى قال وهذا كفر لأن من اعتقد الحرام أو المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافرا قال والناس بين تحريمه وكراهيته أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرني علي بن أيوب قال أخبرنا محمد بن عمران بن موسى قال حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قال حدثنا الحسين بن فهم قال حدثني أبو همام قال حدثني إبراهيم بن أعين قال قال صالح المري أبطأ الصرعي نهضة صريع هوى يدعيه إلى الله قربة وأثبت الناس