قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت وهذا حديث لا أصل لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي إسناده مجاهيل لا يعرفون أنبأنا مُحَمَّد بْن ناصر نا أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ السهلكي نا أَبُو علي عَبْد اللَّهِ بْن إبراهيم النيسابوري ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جهضم ثنا أَبُو الفتح أَحْمَد بْن الْحَسَنِ ثنا عَلِيّ بْن جَعْفَر عَنْ أبي مُوسَى قَالَ كان فِي ناحية أبي يَزِيد رجل فقيه عالم تلك الناحية فقصد أبا يَزِيد وقال لَهُ قد حكى لي عنك عجايب فَقَالَ أَبُو يَزِيد وما لم تسمع من عجايبي أكثر فَقَالَ لَهُ علمك هَذَا يا أبا يَزِيد عَنْ من ومن ومن من فَقَالَ أَبُو يَزِيد علمي من عطاء اللَّه تعالى ومن حيث قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلِمُ" ومن حيث قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العلم علمان علم ظاهر وَهُوَ حجة اللَّه تعالى عَلَى خلقه وعلم باطن وَهُوَ العلم النافع" وعلمك يا شيخ نقل من لسان عَنْ لسان التعليم وعلمي من اللَّه إلهام من عنده فَقَالَ لَهُ الشيخ علمي عَنِ الثقات عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جبريل عَنْ ربه عز وجل فَقَالَ لَهُ أَبُو يَزِيد يا شيخ كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم عَنِ اللَّه لم يطلع عَلَيْهِ جبريل ولا ميكائيل قَالَ نعم ولكن أريد أن يصح لي علمك الذي تقول هو من عند اللَّه قَالَ نعم أبينه لك قدر مَا يستقر فِي قلبك معرفته ثم قَالَ يا شيخ علمت أن اللَّه تعالى كلم مُوسَى تكليما وكلم محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورآه كفاحا وأن حلم الأنبياء وحي قَالَ نعم قَالَ أما علمت أن كلام الصديقين والأولياء بالهام مِنْهُ وفوائده من من قلوبهم حتى أنطقهم بالحكمة ونفع بهم الأمة ومما يؤكد مَا قلت مَا ألهم اللَّه تعالى أم مُوسَى أن تلقي مُوسَى فِي التابوت فألقته وألهم الخضر فِي السفينة والغلام والحائط قوله مُوسَى {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} وكما قَالَ أَبُو بَكْر لعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إن ابنة خارجة حاملة ببنت وألهم عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه فنادى يا سارية الجبل أنبأنا ابْن ناصر أَنْبَأَنَا أَبُو الفضل السهلكي قَالَ سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الشيرازي يَقُول سمعت يوسف بْن الْحُسَيْن يَقُول سمعت إِبْرَاهِيم سبتية يَقُول حضرت مجلس أبي يَزِيد والناس يقولون فلان لقي فلانا وأخذ من علمه وكتب مِنْهُ الكثير وفلان لقي فلانا فَقَالَ أَبُو يَزِيد مساكين أخذوا علمهم ميتا عَنْ ميت وأخذنا علمنا عَنِ الحي الذي لا يموت.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: هَذَا الفقه فِي الحكاية الأولى من قلة العلم إذ لو كان عالما لعلم أن الإلهام للشيء لا ينافي العلم ولا يتسع به عنه ولا ينكر أن اللَّه عز وجل يلهم الإنسان الشيء كَمَا قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن فِي الأمم محدثين وإن يكن فِي أمتي فعمر" والمراد بالتحديث إلهام الخير إلا أن الملهم لو ألهم مَا يخالف العلم لم يجز لَهُ أن يعمل عَلَيْهِ وأما الخضر فقد قيل أنه نبي ولا ينكر للأنبياء الإطلاع بالوحي على العواقب وليس الإلهام من العلم فِي شيء إنما هو ثمرة لعلم والتقوى.