الشَّيْطَان بأقوام أبعدوا العلم وأقبلوا عَلَى الرياضة بما ينهي عنه العلم والعلم بعيد عنهم فتارة يفعلون الفعل المنهي عنه وتارة يؤثرون مَا غيره أولى مِنْهُ وإنما كان يفتي فِي هذه الحوادث العلم وَقَدْ عزلوه فنعوذ بالله من الخذلان أَنْبَأَنَا ابْن ناصر عَنْ أبي عَلِيّ بْن البنا قَالَ كان عندنا بسوق السلاح رجل كان يَقُول القرآن حجاب والرسول حجاب ليس إلا عَبْد رب فافتتن جماعة به فأهملوا العبادات واختفى مخافة القتل أنبأنا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الملك نا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت نا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الجبائي ثنا أحمد بْن سُلَيْمَان النجاد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَان ثنا هشام بْن يُونُس ثنا المحاربي عَنْ بَكْر بْن حنش عَنْ ضرار بْن عمرو قَالَ إن قوما تركوا العلم ومجالسة أهل العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا حتى يبس جلد أحدهم عَلَى عظمه وخالفوا السنة فهلكوا فوالله الذي لا إله غيره مَا عمل عامل قط عَلَى جهل إلا كان مَا يفسد أكثر مما يصلح.
فصل: وَقَدْ فرق كثير من الصوفية بين الشريعة والحقيقة وهذا جهل من قائله لأن الشريعة كلها حقائق فَإِن كانوا يريدون بذلك الرخصة والعزيمة فكلاهما شريعة وَقَدْ أنكر عليهم جماعة من قدمائهم فِي إعراضهم عَنْ ظواهر الشرع وعن أبي الْحَسَن غلام شعوانه بالبصرة يَقُول سمعت أبا الْحَسَن بْن سالم يَقُول جاء رجل إِلَى سَهْل بْن عَبْدِ اللَّهِ وبيده محبرة وكتاب فَقَالَ لسهل جئت أن أكتب شيئا ينفعني اللَّه به فَقَالَ اكتب إن استطعت أن تلقى اللَّه وبيدك المحبرة والكتاب فأفعل قَالَ يا أبا مُحَمَّد أفدني فائدة فَقَالَ الدنيا كلها جهل إلا مَا كان علما والعلم كله حجة إلا مَا كان عملا والعمل كله موقوف إلا مَا كان مِنْهُ عَلَى الكتب والسنة وتقوم السنة علىالتقوى وعن سَهْل بْن عَبْدِ اللَّهِ أنه قَالَ احفظوا السواد عَلَى البياض فما أحد ترك الظاهر إلا تزندق وعن سَهْل بْن عَبْدِ اللَّهِ أنه قَالَ مَا من طريق إِلَى اللَّه أفضل من العلم فَإِن عدلت عَنْ طريق العلم خطوة تهت فِي الظلام أربعين صباحا وعن أبي بَكْر الدقاق قَالَ سَمِعْتُ أبا سَعِيد الخراز يَقُول كل باطن يخالف ظاهرا فهو باطل وعن أبي بَكْر الدقاق أنه قَالَ كنت مارا فِي تيه بني إسرائيل فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين للشريعة فهتف بي هاتف من تحت شجرة كل حقيقة لا تتبعها الشريعة فهي كفر.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وَقَدْ نبه الإمام أَبُو حامد الغزالي فِي كتاب الأحياء فَقَالَ من قَالَ إن الحقيقة تخالف الشريعة أَوِ الباطن يخالف الظاهر فهو إِلَى الكفر أقرب مِنْهُ إِلَى الإيمان وقال ابْن عقيل جعلت الصوفية الشريعة اسما وقالوا المراد منها الحقيقة قَالَ وهذا قبيح لأن الشريعة وضعها