حكم اللَّه فِي حادثة فما عوندت الشريعة بمثل هَذَا فهل لشريعة من الشرائع قبلنا إسناد إِلَى نبيهم وإنما هذه خصيصة لهذه الأمة وَقَدْ روينا عَنِ الإمام أَحْمَد بْن حنبل مَعَ كونه طاف الشرق والغرب فِي طلب الحديث أنه قَالَ لأبنه مَا كتبت عَنْ فلان فذكر لَهُ أن النبي عَلَيْهِ الصلاة والسلام كان يخرج يوم العيد من طريق ويرجع من أخرى فَقَالَ الأمام أحمد بْن حنبل إنا لله سنة من سنن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تبلغني وهذا قوله مَعَ إكثاره وجمعه فكيف بمن لم يكتب واذا كتب غسل أفترى إذا غسلت الكتب ودفنت عَلَى مَا يعتمد فِي الفتاوى والحوادث عَلَى فلان الزاهد أَوْ فلان الصوفي أَوْ عَلَى الخواطر فيما يقع لها نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى.
فصل: قال المصنف رحمه اللَّه: ولا تخلو هذه الكتب التي دفنوها أن يكون فيها حق أَوْ باطل أَوْ قد اختلط الحق بالباطل فَإِن كان فيها باطل فلا لوم عَلَى من دفنها وإن كان قد اختلط الحق بالباطل ولم يمكن تمييزه كان عذرا فِي إتلافها فَإِن أقواما كتبوا عَنْ ثقات وعن كذابين واختلط الأمر عليهم فدفنوا كتبهم وعلى هَذَا يحمل مَا يروى عَنْ دفن الكتب عَنْ سفيان الثوري وإن كان فيها الحق والشرع فلا يحل إتلافها بوجه لكونها ضابطة العلم وأموالا وليسأل من يقصد إتلافها عَنْ مقصوده فَإِن قَالَ تشغلني عَنْ العبادة قيل لَهُ جوابك من ثَلاثَة أوجه أحدها أنك لو فهمت لعلمت أن التشاغل بالعلم أَوْ في العبادات والثاني أن اليقظة التي وقعت لك لا تدوم فكأني بك وَقَدْ ندمت عَلَى مَا فعلت بعد الفوات واعلم أن القلوب لا تبقى عَلَى صفائها بل تصدأ فتحتاج إِلَى جلاء وجلاءها النظر فِي كتب العلم وقد كان يوسف بْن أسباط دفن كتبه ثم لم يصبر عَلَى التحديث فحدث من حفظه فخلط والثالث أننا نقدر تمام يقظتك ودوامها والغنى عَنْ هذه الكتب فهلا وهبتها لمبتدىء من الطلاب ممن لم يصل إِلَى مقامك أَوْ وقفتها عَلَى المنتفعين بِهَا أَوْ بعتها وتصدقت بثمنها أما أتلافها فلا يحل بحال وقد روى المرزوي عَنْ أحمد بْن حنبل أنه سئل عَنْ رجل أوصى أن تدفن كتبه فَقَالَ مَا يعجبني أن يدفن العلم وأنبأنا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الملك وَيَحْيَى بْن عَلِيّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت نا عُبَيْد اللَّه بن عبد العزيز البرداعي نا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ السحير ثنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن النحاس قَالَ سمعت المروزي يَقُول سمعت أحمد بْن حنبل يَقُول لا أعرف لدفن الكتب معنى.