كان ودخل هو إِلَى الموضع الذي يعرفه فطلبه فلم يجده فَقَالَ أصحاب الحارث هيهات تريدون تقتلون نبي اللَّه قد رفع إِلَى السماء قَالَ فطلبه فِي شق قد هيأه سربا فأدخل البصري يده فِي ذلك السرب فَإِذَا هو بثوبه فاجتره فأخرجه إِلَى خارج ثم قَالَ للفرغانيين اربطوه فربطوه فبينما هم يسيرون به عَلَى البريد إذ قَالَ أتقتلون رجلا أن يَقُول ربي اللَّه فَقَالَ رجل من الفرغانيين أولئك العجم هَذَا كرامتنا فهات كرامتك أنت وساروا به حتى أتوا به عَبْد الملك فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت فصلبه وأمر بحربة وأمر رجلا فطعنه فلما صار إِلَى ضلع من أضلاعه فانكفأت الحربة عنه فجعل الناس يصيحون ويقولون الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ثم مشى إليه وأقبل يتجسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بِهَا فأنفذها فقتله قَالَ الوليد بلغني أن خالد بْن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة دخل عَلَى عَبْد الملك بْن مروان فَقَالَ لو حضرتك مَا أمرتك بقتله قَالَ ولم قَالَ إنما كان به المذهب فلو جوعته ذهب عنه وروى أَبُو الربيع عَنْ شيخ أدرك القدماء قَالَ لما حمل الحارث عَلَى البريد وجعلت فِي عنقه جامعة من حديد وجمعت يده إِلَى عنقه فأشرف عَلَى عقبة بيت المقدس تلى هذه الآية:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} فتقلقلت الجامعة ثم سقطت من يده ورقبته إِلَى الأَرْض فوثب الحرس الذين كانوا معه فأعادوها عَلَيْهِ ثم ساروا به فلما أشرفوا عَلَى عقبة أخرى قرأ آية فسقطت من رقبته ويده عَلَى الأَرْض فأعادوها عَلَيْهِ فلما قدموا عَلَى عَبْد الملك حبسه وأمر رجالا من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويخوفوه الله ويعلموه أن هَذَا من الشَّيْطَان فأبى أن يقبل منهم فصلب وجاء رجل بحربة فطعنه فانثنت فتكلم الناس وقالوا مَا ينبغي لمثل هَذَا أن يقتل ثم أتاه حرسه برمح دقيق فطعنه بين ضلعين من أضلاعه ثم هزه وأنفذه وسمعت من قَالَ قَالَ عَبْد الملك للذي ضربه بالحربة لما أنثنت أذكرت اللَّه حين طعنته قَالَ نسيت قَالَ فأذكر الله ثم اطعنه ذكر الله ثم طعنه فأنفذها.
فصل: وكم اغتر قوم بما يشبه الكرامات فقد روينا بإسناد عَنْ حسن عَنْ أبي عمران قَالَ قَالَ لي فرقد يا أبا عمران قد أصبحت الْيَوْم وأنا مهتم بضريبتي وهي ستة دراهم وَقَدْ أهل الهلال وليست عندي فدعوت فبينما أنا أمشي عَلَى شط الفرات إذا أنا بستة دراهم فأخذتها فوزنتها فَإِذَا هي ستة لا تزيد ولا تنقص فَقَالَ تصدق بِهَا فإنها ليست لك قلت أَبُو عمران هو إبراهيم النخعي فقيه أهل الكوفة فانظروا إِلَى كلام الفقهاء وبعد الاغترار عنهم وَكَيْفَ أخبره أنها لقطة ولم يلتفت إِلَى مَا يشبه الكرامة وإنما لم يأمره بتعريفها لأن مذهب الكوفيين أنه لا يجب