طال عَلَيْهِ ذلك قصد تنحيتها عنه فتوحل فيها واختلط بِهَا فتركب منها هَذَا العالم النوري والظلمي فما كان من جهة الصلاح فمن النور وما كان من جهة الفساد فمن الظلمة وهؤلاء يغتالون الناس ويخنقونهم ويزعمون أنهم يخلصون بذلك النور من الظلمة مذاهب سخيفة والذي حملهم عَلَى هَذَا أنهم رأوا فِي العالم شرا واختلافا فقالوا لا يكون من أصل واحد شيئان مختلفان كَمَا لا يكون من النار التبريد والتسخين وَقَدْ رد العلماء عليهم فِي قولهم إن الصانع اثنان فقالوا لو كان اثنين لم يخل أن يكونا
قادرين أَوْ عاجزين أَوْ أحدهما قادر والثاني عاجز لا يجوز أن يكونا عاجزين لأن العجز يمنع ثبوت الألوهية ولا يجوز أن يكون أحدهما عاجزا فبقي أن يقال هما قادران فتصور فيها أن أحدهما يريد تحريك هَذَا الجسم فِي حالة يريد الآخر تسكينه ومن المحال وجود مَا يريدانه فَإِن تم مراد أحدهما ثبت عجز الآخر وردوا عليهم فِي قولهم إن النور يفعل الخير والظلمة تفعل الشر فإنه لو هرب مظلوم فاستتر بالظلمة فهذا خير قدر صدر من شر ولا ينبغي مد النفس فِي الكلام مَعَ هؤلاء فَإِن مذهبهم خرافات.