وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ بَشِيرِ بْنِ عُمَيْرٍ النُّهَاوَنْدِيُّ أَنَّ شَرِيعَةَ الْهِنْدِ وضعها لهم رجل برهمي وَوَضَعَ لَهُمْ أَصْنَامًا وَجَعَلَ لَهُمْ أَعْظَمَ بُيُوتِهِمْ بَيْتًا بالميلتان وَهِيَ مَدِينَةٌ مِنْ مَدَايِنِ السِّنْدِ وَجَعَلَ فِيهِ صَنَمَهُمُ الأَعْظَمُ الَّذِي هُوَ كَصُورَةِ الهيولي الأَكْبَرِ وَهَذِهِ الْمَدِينَةُ فُتِحَتْ فِي أَيَّامِ الْحُجَّاجِ وَأَرَادُوا قَلْعَ الصَّنَمِ فَقِيلَ لَهُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُ وَلَمْ تُقْلِعُوهُ جَعَلْنَا لَكُمْ ثُلُثَ مَا يَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ مَالٍ فَأَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِتَرْكِهِ فَالْهِنْدُ تَحُجُّ إِلَيْهِ من ألفي فرسخ ولا بد لِلْحَاجِّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ دَرَاهِمَ عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ مَائَةٍ إِلَى عَشَرَةِ آلافٍ لا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا وَلا أَكْثَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْمِلْ مَعَهُ ذَلِكَ لَمْ يَتِمَّ حَجُّهُ فَيُلْقِيهِ فِي صُنْدُوقٍ عَظِيمٍ هُنَاكَ وَيَطُوفُونَ بِالصَّنَمِ فَإِذَا ذَهَبُوا قُسِّمَ ذَلِكَ الْمَالُ فُثُلُثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَثُلُثُهُ لِعِمَارَةِ الْمَدِينَةِ وَحُصُونِهَا وَثُلُثُهُ لِسَدَنَةِ الصَّنَمِ وَمَصَالِحِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَحِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَانْظُرْ كَيْفَ تَلاعَبَ الشَّيْطَانُ بِهَؤُلاءِ وَذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ فَنَحَتُوا بِأَيْدِيهِمْ مَا عَبَدُوهُ وَمَا أَحْسَنَ مَا عَابَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَصْنَامَهُمْ فَقَالَ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} وَكَانَتِ الإِشَارَةُ إِلَى الْعِبَادِ أَيْ أَنْتُمْ تَمْشُونَ وَتَبْطِشُونَ وَتُبْصِرُونَ وَتَسْمَعُونَ وَالأَصْنَامُ عَاجِزَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ جَمَادٌ وَهُمْ حَيَوَانٌ فَكَيْفَ عَبْدَ التام الناقص ولو تفكروا لَعَلِمُوا أَنَّ الإِلَهَ يَصْنَعُ الأَشْيَاءَ وَلا يُصْنَعُ وَيُجْمَعُ وَلَيْسَ بِمَجْمُوعٍ وَتَقُومُ الأَشْيَاءُ بِهِ وَلا يَقُومُ بِهَا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي للإِنْسَانِ أَنْ يَعْبُدَ مَنْ صَنَعَهُ لا مَا صَنَعَهُ وَمَا خُيِّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّ الأَصْنَامَ تَشْفَعُ فَخَيَالٌ لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ يُتَعَلَّقُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute