أسفلها وأن السماء جلد من جلود الشياطين والرعد إنما هو حركة خرخرة العفاريت المحبوسة فِي الأفلاك المأسورة فِي حرب والجبال من عظامهم والبحر من أبوالهم ودمائهم ونبغ للمجوس رجل فِي زمان انتقال دولة بني أمية إِلَى بني العباس واستغوى خلقا وجرت لَهُ قصص يطول الأمر بذكرها فهو آخر من ظهر للمجوس وذكر بعض العلماء أنه كان للمجوس كتب يدرسونها وأنهم أحدثوا دينا فرفعت كتبهم.
ومن أظرف تلبيس إبليس عليهم أنهم رأوا فِي الأفعال خيرا وشرا فسول لهم أن فاعل الخير لا يفعل الشر فأثبتوا إلهين وقالوا أحدهما نور حكيم لا يفعل إلا الخير والآخر شيطان هو ظلمة لا يفعل إلا الشر عَلَى نحو مَا ذكرنا عَنْ الثنوية.
قال المصنف وَقَدْ سبق ذكر شبههم وجوابها وقال بعضهم الباري قديم فلا يكون مِنْهُ إلا الخير وَالشَّيْطَان محدث فلا يكون مِنْهُ إلا الشر فيقال لهم إذا أقررتم أن النور خلق الشَّيْطَان فقد خلق رأس الشر وزعم بعضهم أن الخالق هو النور ففكر فكرة رديئة فَقَالَ أخاف أن يحدث فِي ملكي من يضادني وكانت فكرته رديئة فحدث منها إبليس فرضي إبليس أن ينسب إِلَى الرداءة بعد إثبات أنه شريك وحكى النوبختي أن بعضهم قَالَ أن الخالق شك فِي شيء فكان الشَّيْطَان من ذلك الشك قَالَ وزعم بعضهم أن الإله وَالشَّيْطَان جسمان قديمان كان بينهما فضاء وكانت الدنيا سليمة من آفة وَالشَّيْطَان بمعزل عنها فاحتال إبليس حتى خرق السماء بجنوده فهرب الرب عز وجل من فعلتهم وتقدس عَنْ قولهم فاتبعه إبليس حتى حاصره وحاربه ثلاث آلاف سنة لا هو يصل إليه ولا الرب عز وجل يدفعه ثم يصالحه عَلَى أن يكون إبليس وجنوده فِي الدنيا سبعة آلاف سنة ورأى الرب أن الصلاح فِي احتمال مكروه إبليس إِلَى أن ينقضي الشرط فالناس فِي بلايا إِلَى انقضائه ثم يعودون إِلَى النعيم وشرط إبليس عَلَيْهِ أن يمكنه من أشياء رديئة فوضعها فِي هَذَا العالم وأنهما لما فرغا من شرطهما أشهدا عدلين ودفعا سيفيهما إِلَى العدلين وقالا من نكث فاقتلاه فِي هذيانات كثيرة يضيع الوقت لذكرها فتنكبناها لذلك ونذكر مَا انتهى تلبيس إبليس إليه مَا آثرنا ذكر شيء من هَذَا التخليط والعجب أنهم يجعلون الخالق خيرا ثم يجعلون أنه حدثت مِنْهُ فكرة رديئة فعلى قولهم يجوز أن تحدث من فكرة إبليس ملك ثم يقال لهم أيجوز أن يفي الشَّيْطَان بما ضمن فَإِن قالوا لا قيل لهم فلا يليق بالحكمة استبقاؤه وإن قالوا نعم فقد أقروا بوجود الوفاء المحمود من الشرير وَكَيْفَ أطاع الشَّيْطَان العدلين وَقَدْ عصى ربه وَكَيْفَ يجوز الافتيات عَلَى الإله وهذه الخرافات لولا التفرج فيما صنعه إبليس بالعقول مَا كان لذكرها فائدة ولا معنى.