كان عجباً أن يقص الله علينا في كتابه أن أول أخوين عاشا على ظهر هذه الأرض قتل أحدهما الآخر عندما تعارضت مصالحهما، إذ يتصور من لا يعرف النفس البشرية -حق المعرفة- أن الأخ يفي أخاه بما ملكت يداه، وأنه لا يتصور أن يؤثر أخ شقيق منفعة مادية مهما عظمت على أخوة أخيه وبقائه بجواره وبخاصة إذا لم يكن في الأرض غيرهما، ولكن هذا حدث ولذلك رتب الله على هذا شريعة القصاص ليكون هذا مانعاً من الظلم، فالحدود جعلها الله إذن زواجر عن الظلم والإثم والعدوان، وعلى كل المسلم مدعو أولاً إلى أن يعرف حق أخيه الإنسان، وذلك للاشتراك في الأصل الواحد والرب الواحد، وأعني بالرب هنا الخالق سبحانه وتعالى، وهذا لا يمنع أن للمسلم حقوقاً أخرى غير الحقوق الإنسانية وذلك للاشتراك في الغاية والهدف الواحد.. وهذه الحقوق الإضافية للمسلم على المسلم لا تتنافى مع الحقوق الإنسانية، ولذلك أمر المسلمون بالعدل مع أعدائهم كما قال تعالى:{يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى} الآية، والعدل المأمور به هنا هو العدل مع