من أخطر المصطلحات السياسية المستعملة الآن لفظ "الواقعية" وهذا اللفظ يستخدمه مروجوه في مقابلة "الخيالية" والجري وراء الأحلام والعواطف، وكان هؤلاء المروجين لهذه اللفظة يريدون أن يقولوا لقد سار العرب في سياستهم السابقة بالعواطف والأوهام والآن لابد وأن يكونوا "واقعيين" ويعالجوا أمورهم الواقعة الحادثة بدلاً من الجري وراء أمانيهم وأحلامهم الكاذبة، ويهدف إلى أن إسرائيل أصبحت حقيقة واقعة ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس وفكرة تدميرها، أو إلقائها في البحر كما كان يُقال فكرة خيالية ومن العبث الجري وراءها.
وهذا القول هو من الحق الذي يراد به الباطل فلا يجحد الواقع أصلاً غير مجنون معتوه، ولكن الناس بإزاء الواقع السيء ينقسمون إلى قسمين: قسم يرضى بهذا الواقع السيء ويستكين له، وقسم آخر يعمل على تغييره وإزالته ولكن اللفتة البارعة لدعاة الواقعية إنما كانت في صرف نظر الناس عن المستقبل وتركيزها إلى الوراء دائماً، وبهذا قطعوا الأمة عن آمالها المستقبلة وأشغلوها في مشاكلها الحاضرة.
كان هم الناس صغيرهم وكبيرهم قبل عام ١٩٦٧م هو إزالة إسرائيل وكان هذا شغلهم الشاغل من أجل هذا الأمل