أزيلت عروش الملوك، ونصبت عروش الرؤساء وعلى هذا الأمل قامت الثورات وهي لا تحمل من شعار إلا هذا الشعار.
وبالرغم من أن إسرائيل كانت حقيقة واقعة فإن الاستجابة لهذا الواقع والرضا به كان معدوماً مفقوداً، وبالرغم من هزيمتين مني بهما العرب سنة ١٩٤٨م و ١٩٥٦م.. ولكن اللفتة البارعة لشياطين الإعلام وأبالسة السياسة تحققت بعد عام ١٩٦٧م حيث تحول نظر الناس عن آمالهم المستقبلية بأمر جديد وهو (إزالة آثار العدوان) لقد كانت هذه الكلمة المنتقاة المختارة "ضرب معلم" صرفت الناس عن النظر المستقبلي المتوافق مع آمال الأمة وأحلامها إلى النظر للوراء.. ومنذ هذا الوقت للآن والأمة تنظر إلى الوراء، ولا نجد الفرصة لتنظر إلى المستقبل، بل لا تجد أصلاً وقتاً للتفكير فيه وذلك بالحركة الدائبة والتشويش الدائم والبلبلة الدائمة.
وبالرغم من أن حرب رمضان سنة ١٩٧٣م كانت نشازاً عن محاولة الإقناع الدائم بوجود إسرائيل وبقاء إسرائيل والرضا بواقع إسرائيلي، وذلك أنها أنعشت آمال المسلمين بتحقيق حلمهم التاريخي بإزالة إسرائيل، بل كان هذا الأمل قاب قوسين من تحقيقه باعتراف اليهود أنفسهم فإنه سرعان ما أحبطت آثارها في نفوس المسلمين ووضعت هذه الحرب مع نتائجها قهراً وقسراً لتكون جزءاً من العمل على إزالة آثار العدوان وبذلك ظهرت هذه الحرب نشازاً في كل شيء وكأنها فلتة من فلتات التاريخ و (غلطة) من (غلطات) السياسة وبدلاً من أن تكون خطوة نحو الهدف الأعظم أصبحت خطوة نحو الوراء.
مشكلتنا نحن العرب ليس في أننا لا نرى الواقع، ولكن في أننا لا نحب أن نفكر في المستقبل، وقطع الصلة بين الواقع