للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغاشمة في العالم والتي قوضتها في مدة يسيرة من الزمان، ولا يمكن أن نفهم أيضاً بقاء هذه الأمة إلى الوقت الحاضر وحفظ دينها وكتابها دون نظر وفهم إلى دفاع الله عنها وحفظه لها بالمقدار الذي يحفظ المؤمنين من هذه الأمة دينهم وعقيدتهم، باختصار كان الله مع هذه الأمة يوم كانت معه، وتخلى الله عنها يوم تخلت عنه.

* والهزائم العسكرية والسياسية ليست شراً كلها، بل قد تكون الهزيمة فرصة نادرة لتعديل المسار، والبحث عن الأخطاء والرجوع عن الغرور، وتنقية الصفوف، والمسلمون حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن أيامهم عسلاً كلها أعني نصراً على الأعداء وظهوراً في كل معركة، بل كانت أيامهم دولاً.. يدالون مرة، ويدال عليهم أخرى، فقد انتصروا في بدر فكان هذا براعة استهلال وحسن طالع لأمة ناشئة، وهزموا في أحد فكان هذا تمحيصاً وتربية وتنقية للصفوف، ومعرفة حقيقية بأهداف الجهاد وأنه لله وليس للدنيا، وضاقت بهم الأرض في الخندق وزلزلوا زلزالاً شديداً حتى جهر المنافقون بعداوتهم للرسول وأسمعوه ما يكره وقالوا: {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً} ثم كان النصر الذي لم يبذل له المسلمون صغيرة ولا كبيرة: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال} ثم كان الفتح ويومها توج النصر ثم كانت حنين لكسر الغرور والتعريف بالله.

وهكذا في كل تاريخ الأمة كانت أيامها دولاً وهزائمها دروساً، وتاريخ الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد على ما نقول، فالهزيمة العسكرية الساحقة للخلافة العباسية على أيدي المغول جعلت الأمة، تضيق من ترفها الفكري، وخلافها العقائدي، وتمزقها الاجتماعي، ليقوم المصلحون من الدعاة

<<  <   >  >>