وآيات الإنفاق، وإذا كان السلطان يطبق النظام الرأسمالي بكل احتكاراته وظلمه وغشمه لم تسمع إلا:[إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام] ، و {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} ، وإذا كان السلطان يعادي اليهود كانت الأبواق تنادي بأنهم شر الخلق والخليقة، وأن الله لعنهم ومقتهم، وضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأما إذا كان يدعو إلى سلمهم والصلح معهم كان اليهود هم أبناء العم وأهل الإيمان وكانت السياسة {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} ، وكان اليهود هم الذين قال الله فيهم:{وإني فضلتكم على العالمين} .
وباختصار الإسلام المستأنس هو إسلام السلطة التي ترى لزاماً عليها أن تستأنس رجالاً يتزينون بزي الدين فينقذونهم حيث يريدون، ويسكتونهم حيث يشاؤون، ويصنع هؤلاء لهم من الفتاوى ما يناسب أذواقهم وأهواءهم ويفصلون لهم من الدين أثواباً على قياسهم.
وفي مقابل هذا الانحراف يقوم رجال آخرون يغلق عليهم الفهم وتتشابه أمامهم النصوص، ويظلم أمامهم الواقع ويرون مجافاته للدين فيخرجون على المجتمع برمته ويكفرون الناس إلا أنفسهم، ويلجأون إلى المغارات والفلوات ويجابهون الناس بما في أيديهم من سلاح.. والفكر الخارجي فكر قديم نشأ في المسلمين عندما اختلفوا ووقع السيف بينهم، وأشكل على كثيرين معرفة الحق والصواب فقالوا بكفر علي ومعاوية، ومن معهما وضربوا بسيوفهم في كل واد.
واليوم حيث تتشابك السبل، وتتشابه النصوص، وتقل المعرفة، ويستأنس علماء الإسلام بالترغيب تارة، وبالترهيب أخرى ويصنع لكل سلطان في كل بلد جبة إسلامية تناسبه في الشكل والموضوع يخرج الفكر الخارجي