للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحق فإذا لم يكن الموظف ويسمى في النظام المالي الإسلامي (العامل) منتجاً وأميناً فلا حق له في المال العام وعندنا الآن المال العام غنيمة والشطارة هي في التحايل للأخذ منه، ويردد العامة في الأمثال (إن فاتك الميري أتمرغ في ترابه) أي وإن تركك العمل الحكومي فتهافت على أي شيء فيه، وذلك أنه عمل يشعر الفرد فيه أنه صاحب حق في الراتب وليس مطالباً بالإنتاج.

وهكذا بسوء فهمنا لقضية المال العام نصل في النهاية إلى انهيار كامل لا في الاقتصاد وحده وإنما أيضاً في المثل والأخلاق، وذلك أن الموظف الذي يقبض ولا ينتج غاش لأمته وهو لص أيضاً ومحاسب على هذا المال الذي أخذه دون وجه حق، ثم إن شبابنا الآن يركض في السلم التعليمي للحصول على الوظيفة لا على العلم، لأنه يعلم أن الشهادة هي جواز المرور إلى الوظيفة، وفي الوظيفة لن يسأل عن الإنتاج وإذن فالمهم هو الشهادة والعلم سبيل طويل وطريق شاق للشهادة والغش أسهل وأقرب من التحصيل ولذلك فأقولها بيقين العارف المطلع "الغش الآن هو القاعدة والتحصيل والعلم هو الشذوذ"، وهذا يعني الكارثة الوطنية والقومية والدينية.

في كل بلاد العالم يتعلم الناس وفي بلادنا نعطي شهادات، وإذا وصل غير الكفء إلى المنصب فإن همه كله سينصب على محاربة الأكفاء لأن الأكفاء هم أخطر الناس على وظيفته ومنصبه، وبذلك تبدأ حرب قذرة على العاملين والمنتجين وهم القلة المخلصة وتبدأ الترقيات والهبات للمنافقين والدجالين وذلك أنهم المسايرون والراضون وهكذا تطحن هذه الآلة الفاسدة المخلصين من أبنائها، ويشعر هؤلاء المخلصون بالضياع والغربة لأنهم قلة من الأشراف والأمناء في مجتمع من الذئاب، وهكذا ترضع البقرة نفسها ويموت الصغار!!

<<  <   >  >>