الخاص في غاية التناقض والاختلاف فبينما تمارس بعض الحكومات (اغتيال) الجهود الخاصة الفردية المنتجة وذلك بما يسمى بالتأميم فتضم مشروعات خاصة في غاية النجاح والنفع للمجتمع وتلحقها بالماكينة الحكومية الصدئة المتضخمة التالفة، نجد أن حكومات أخرى تسمح (للصوص) بسرقة المال العام إلى جيوبهم، ثم تتساهل ويسمح لهم بإنفاقه أيضاً خارج الدولة، وبذلك ترتكب الدولة معهم خطأين، خطأ سرقة المال العام دون وجه حق، وخطأ نقله إلى خارج الأمة لتقوية الأعداء.. ونحن هنا بين إفراط وتفريط، إفراط في الزعم بالمحافظة على المال العام فنكبت كل شعور بالتنافس الشريف والاستثمار الناجح للمجتمع، وبين تفريط مع اللصوص الذين يسرقون أموال الأمة العاملة ويلقون بها في بنوك الغرب ومؤسساته للإسهام في هذه الآلة الرأسمالية الاستعمارية التي تقوم بدورها بامتصاص ثرواتنا ودمائنا، أو يذهبون لينفقوها على موائد الفساد والقمار، ويظنون بهذا أنهم (أحرار) في استثمار ثرواتهم وأموالهم.
والحق أن الحرية الشخصية في التصرف في المال الخاص حرية محدودة ملتزمة بالسياسة العامة للأمة وأهدافها وهذه السياسة العامة يجب أن تنبع من إيمان الأمة بالإسلام والتزامها بأحكامه وآدابه، هذا الإسلام الذي يبني الأمة وفق نظام رباني يقوم على العزة التي كتبها الله لنفسه ولرسوله وللمؤمنين ويقوم على المرحمة والعدل بين الناس، وليس من العزة أن تبدد ثرواتنا الخاصة وأن نلقي بها في أيدي الأعداء ليحرقوننا بها، وليس من المرحمة والعدل أن نغتال الجهود الفردية المخلصة ولا أن نسمح لكل من حاز مالاً أن ينفقه كيفما أراد وحيثما يشاء.