ومما يلاحظ أن الكافية خالية من المقدمة، خالية من الحمدلة، وقد أشار إلى ذلك الجامي في مقدمة كتابه "الفوائد الضيائية"، واعتذر له، بقوله: "اعلم أن الشيخ -رحمه الله- لم يصدر رسالته هذه بحمد الله سبحانه، بأن جعله جزءًا منها هضمًا لنفسه بتخييل أن كتابه هذا من حيث إنه كتابه ليس ككتب السلف -رحمهم الله تعالى- حتى يصدر به على سننها، ولا يلزم من ذلك عدم الابتداء به مطلقًا حتى يكون بتركه أقطع، لجواز إتيانه بالحمد من غير أن يجعله جزءًا من كتابه. وبدأ بتعريف الكلمة والكلام؛ لأنه يبحث في هذا الكتاب عن أحوالها؛ فمتى لم يعرفا كيف يبحث عن أحوالها، وقدم الكلمة على الكلام؛ لكون إفرادها جزءًا من إفراد الكلام، ومفهومه جزءًا من مفهومه". وهذا الكتاب مع وجازته واختصاره جامع لكل مسائل النحو وقضاياه، وقد أعجب العلماء به في كل العصور والأمصار، وشحذ قرائح الشعراء فقال فيه بعضهم شعرًا: ما أبصرت عين بمثل الكافية ... مجموعة تدرى المآرب شافية يا طالبا للنحو الزم حفظها ... واعلم يقينا أنها لك شافية وقال الآخر: صاغ الإمام العالم ابن الحاجب ... دررا فأخفاها كغمز الحاجب لما تواتر حسنها بين الورى ... قالت أنا السحر الحلال فحاج بي ونظرًا لإعجاب العلماء بها أقبلوا عليها بالشروح والتعليقات والاختصارات والنظم وقد أحصيت لها "١٥٠" ما بين شرح ومختصر ومنظومة عليها لأفاضل العلماء منذ عصره وحتى الآن, ولا أجد هنا متسعًا لعرضها أو تفصيل القول فيها. "والوقوف عليها ينظر: كشف الظنون: ١٣٧٠-١٣٧٦، وتاريخ الأدب العربي: ٥/ ٣٠٩-٣٢٦، وابن الحاجب النحوي: آثاره ومذاهبه، ومقدمة تحقيق الفوائد الضيائية: ١/ ٣١-٤١".