للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد دراسة العصر قد يصل الباحثُ إلى أن تلك المختصرات والمتون والمقدمات قد تكون ردا على النزاع والقلق الذين سادا في العالم الإسلامي يومذاك، بسبب كثرة الفتن والقلاقل والاضطرابات الناجمة عن هجوم الصليبيين والتتار على البلدان الإسلامية، وأيضًا بسبب صراعات المسلمين أنفسهم بين بعضهم البعض، وكذلك منازعات خلفاء صلاح الدين بين بعضهم البعض.

فالمختصرات إذن رد على الوضع وتأقلم معه؛ لأن صغر حجمها يُسهِّل نقلها وحفظها واستظهارها، ويقلل من فُرضِ ضياعها وتلفها، بدليل أن أصحاب المُختصرات أنفسهم قد عادوا وشرحوا مختصراتهم عندما شعروا بنوع من الأمان والاستقرار؛ وهذا ما فعله ابن الحاجب، حيث كتب مقدمته "الكافية" في النحو فيما لا يزيد على "٢٨" صفحة، لكنه جمع فيها، بالرغم من صغر حجمها، كل أبحاث النحو ومسائله وقضاياه، وأشار فيها إلى اختلاف لهجات العرب ولغاتهم، وإلى اختلاف العلماء في بحث القضية الواحدة، وإلى تداخل بعض اللغات. وهذا ما فعله أيضًا في مقدمته التصريفية "الشافية" حيث كتبها فيما لا يزيد على "٤" صفحة لكنه أيضًا جمع فيها -بالرغم من صغر حجمها- كل أبحاث التصريف، وأشار فيها أيضًا إلى اختلاف لهجات العرب ولغاتهم، وغير ذلك.

وأرى الآن أنه أصبح من اليسير معرفة الدافع وراء تعدد شروح العلامة ركن الدين على كافية ابن الحاجب؛ فهو قد كتب شرحه

<<  <  ج: ص:  >  >>