للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: لا تقبل المعارضة؛ لأن حق المعترض هدم ما بناه المستدل، وذكر المعارضة بناء، فلا يليق بحاله١.

والصحيح: أنها تقبل؛ إذ فيه هدم ما بناه؛ فإن دليل المستدل إذا صار معارضًا: لم تبق دلالته؛ إذ المعارض له حكم العدم في إثبات الحكم.

الوجه العاشر في السؤال: عدم التأثير٢.

ومعناه: أن يذكر في الدليل ما يستغنى عنه في إثبات الحكم في الأصل:

إما لأن الحكم يثبت بدونه.

وإما لكونه وصفًا طرديًّا٣.

مثال الأول: ما لو قال، في بيع الغائب: "مبيع لم يره فلا يصح بيعه، كالطير في الهواء".

فذكر عدم الرؤية ضائع٤؛ فإن الحكم يثبت في الأصل بدونه، فإنه


١ معناه: أن بعض العلماء ادّعوا أن المعارضة لا تقبل؛ لأنها بناءٌ من المعترض، إذ هي دليل في حكم المستأنف، ووظيفة المعترض أن يكون هادمًا لما يذكره المستدل، فلا يصح منه خلاف وظيفته. قال المصنف: "والصحيح أنها تقبل ... إلخ" فإنها وإن كانت بناءً، فهي بناءٌ بالعَرض وهدم بالذات لما بناه المستدل، فأشبهت المنع فتقبل. انظر: شرح الطوفي"٣/ ٥٤٦".
٢ التأثير: إفادة الوصف أثره، فإذا لم يفده فهو عدم التأثير.
فمعنى تأثير العلة في الحكم: انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف، وعدم التأثير معناه: وجود الحكم وبقاؤه في محله بعد زوال الوصف المدعى علته.
٣ الوصف الطردي: هو الذي لم يلتفت إليه الشرع في معهود تصرفه، كالطول والقصر، والبياض والسواد، والذكورية والأنوثية.
٤ أي: لم يؤثر؛ لأن بيع الطير في الهواء غير جائز وإن كان مرئيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>