وقد أجاب عنه المصنف بأن السير وحده علة، إذا تم بشروطه المتقدمة، فلا يحتاج إلى أن ينضم إليه الدوران أو غيره من المسالك. ثم لا يلزم أن تكون علة الحكم أمرًا حادثًا، بل يجوز أن تكون سابقة على الحكم، وتتوقف على شرط حادث، كالحول في الزكاة، فإنه شرط لوجوبها، مع أن علتها بلوغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة. كما يحتمل أن يكون الحادث جزءًا من العلة، لا تتم إلا به، ويحتمل أن يكون الحكم أمرًا تعبديًّا غير معلل، ومع وجود هذه الاحتمالات لا يستقيم هذا المذهب. ١ المراد بشهادة الأصول: دلالة الكتاب أو السنة أو الإجماع على الحكم المعلل، أو المراد: كون الحكم المعلل له أصل معين من نوعه يوجد فيه جنس الوصف أو نوعه. ٢ ودليل ذلك: أن الشريعة ساوت بين الذكور والإناث في سائر السوائم في الحكم. وجودًا وعدمًا، فقد ساوت الشريعة بين الإبل والبقر والغنم في الزكاة، فإنها تجب في ذكورها إذا انفردت، وتجب في ذكورها وإناثها إذا اجتمعت، فكذلك البغال والحمير لا تجب الزكاة في ذكورها إذا انفردت، ولا تجب في ذكورها وإناثها إذا اجتمعت. انظر: التمهيد لأبي الخطاب "٤/ ٢٨". والذي سبّب هذا الخلاف: أن العلماء مختلفون في الخيل السائمة هل فيها زكاة أو لا؟ بعد اتفاقهم على أن المعلوفة لا زكاة فيها، وأن المعدة للتجارة فيها زكاة. فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخيل السائمة لا زكاة فيها، واستدلوا على ذلك بما =