للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: [طرق الاجتهاد في إثبات العلة]

والاجتهاد في العلة على ثلاثة أضرب:

تحقيق المناط للحكم، وتنقيحه، وتخريجه.

أما تحقيق المناط١، فنوعان:

أولهما: لا نعرف في جوازه خلافًا.

ومعناه: أن تكون القاعدة الكلية متفقًا عليها، أو منصوصًا عليها، ويجتهد في تحقيقها في الفرع.

ومثاله: قولنا: "في حمار الوحش: بقرةٌ" لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ٢ فنقول: "المثل واجب، والبقرة مثل، فتكون هي الواجب".

فالأول: معلوم بالنص والإجماع، وهو: وجوب المثلية في البقرة٣.

أما تحقيق المثلية في البقر، فمعلوم بنوع من الاجتهاد٤.


١ والمراد بالمناط: ما نيط به الحكم، أي: علق به، وهو العلة التي رتب عليها الحكم في الأصل، يقال: نطُت الحبل بالوتد، أنوطه نوطًا: إذا علقته، ومنه ذات أنواط، وهي شجرة كانوا في الجاهلية يعلقون فيها سلاحهم.
روى الإمام أحمد في مسنده "٥/ ٢١٨" عن أبي واقد الليثي أن رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها: ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} والذي نفسي بيده لتركبنّ سنّة من كان قبلكم".
٢ سورة المائدة من الآية "٩٥".
٣ أي: أن وجوب المثل متفق عليه ثابت بالنص والإجماع.
٤ أي: أن كون البقرة مثل حمار الوحش، اجتهادي، ثابت بالاجتهاد في تحقيق =

<<  <  ج: ص:  >  >>