أما إذا انفكت الجهة فالفعل صحيح، كالصلاة بالحرير، فإن الجهة منفكة، لأن لبس الحرير منهي عنه مطلقًا، في الصلاة وغيرها، فالمصلي بالحرير صلاته صحيحة وعليه إثم لبسه الحرير. فيقول المالكي والشافعي -مثلًا-: لا فرق -ألبتة- بين الصلاة في المكان المغصوب وبين الصلاة بالحرير، فالغصب -أيضًا- حرام في الصلاة وفي غيرها، فصلاته صحيحة وعليه إثم غصبه. ويقول المالكي -مثلًا- مثال الجهة غير المنفكة: صوم العيد أو الفطر؛ لأن الصائم فيهما معرض عن ضيافة الله؛ لأن الصوم إمساك، وهذا الإمساك هو بعينه الإعراض عن ضيافة الله، لأن الإعراض عنهما هو: الامتناع عن الأكل والشرب، فلا يمكن انفكاك الجهة. فيقول الحنفي: الجهة منفكة أيضًا، لأن الصوم -من حيث إنه صوم- قربة، ومن حيث كونه في العيد منهي عنه، فالجهة منفكة ولذا: لو نذر أحد أن يصوم يوم العيد فنذره عنده صحيح منعقد، ويلزمه صيام يوم آخر غير يوم العيد بناء على انفكاك الجهة عنده. وقول المؤلف -رحمه الله- في هذا المبحث: "قسموا النهي إلى ثلاثة أقسام" إيضاح معناه: أن المنهي عنه: إما أن يكون المنهي عنه لذاته، أو لوصفه القائم به، أو لخارج عنه، زاد بعض المحققين قسمًا رابعًا: وهو أن المنهي عنه لخارج =