للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: [الركن الأول: الأصل وشروطه]]

فالأول له شرطان:

أحدهما: أن يكون ثابتًا بنص، أو اتفاق من الخصمين١.

فإن كان مختلفًا فيه، ولا نص فيه: لم يصح التمسك به، لأنه ليس بناء أحدهما على الآخر بأولى من العكس.

ولو أراد إثبات حكم الأصل بالقياس على محل آخر لم يجز، فإن العلة التي يجمع بها بين الأصل الثاني والأول، إن كانت موجودة في الفرع: فليقس على هذا الأصل الثاني ويكفيه، فذكر الأول تطويل غير مفيد، فليصطلح على رده.

وإن كان الجامع بين الأصلين غير موجود في الفرع: لم يصح قياسه على الأصل الأول؛ لأنه قد تبين ثبوت حكمه بعلة غير موجودة في الفرع، ومن شرط القياس: التساوي في العلة٢.


١ مثال الأصل الثابت بالنص: وجوب غسل الإناء من ولوغ الخنزير قياسًا على وجوب غسله من ولوغ الكلب الثابت بالحديث: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات". ومثال اتفاق الخصمين على الأصل: قياس النبيذ على الخمر، والأرز على البر. وإنما اشترط ثبوت الأصل بالنص؛ لأنه يلحق به الفرع، ويبنى عليه، وما لا ثبوت له لا يتصور بناء غيره عليه.
وأما اشتراط كونه متفقًا عليه؛ فلأنه إذا كان مختلفًا فيه كان من حق الخصم أن ينازع في القياس بعدم التسليم بحكم الأصل.
وقد علل المصنف لشرط كون الأصل ثابتًا بالنص أو متفقًا عليه بقوله: "فإن كان مختلفًا فيه إلخ" ومعناه: أن الذي ليس منصوصًا ولا متفقًا عليه لا يصح التمسك به لعدم أولويته، فكونه أصلًا يقاس عليه ليس بأولى من أن يكون فرعًا.
٢ خلاصة ذلك: أن جمهور العلماء يشترطون ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعًا لأصل آخر؛ لأن العلة الجامعة بين القياسين إن كانت واحدة كان ذكر الأصل =

<<  <  ج: ص:  >  >>