للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: [في التكليف بغير الممكن]

ويجوز الأمر من الله -سبحانه- لما في معلومه أن المكلف لا يتمكن من فعله.

وعند المعتزلة: لا يجوز ذلك إلا أن يكون تعلقه بشرط تحققه مجهولا عند الآمر، أما إذا كان معلوما أنه لا يتحقق الشرط، فلا يصح الأمر به؛ لأن الأمر طلب، فكيف يطلب الحكيم ما يعلم امتناعه؟

وكيف يقول السيد لعبده: خط ثوبي إن صعدت السماء؟

وبهذا يفارق أمر الجاهل؛ لأن من لا يعرف عجز غيره عن القيام: يتصور أن يطلبه منه.

أما إذا علم امتناعه: فلا يكون طالبًا، وإذا لم يكن طالبًا: لم يكن آمرا. ولأن إثبات الأمر بشرط يفضي إلى أن يكون وجود الشيء مشروطًا بما يوجد بعده، والشرط ينبغي أن يقارن، أو يتقدم أما أن يتأخر عن المشروط، فمحال.

وهذه المسألة تنبني على النسخ قبل التمكن، وأن فيه فائدة، على ما مضى١.


١ حاصل هذه المسألة: أن الآمر والمأمور إما أن يكونا عالمين بانتفاء شرط التكليف، أو جاهلين به، أو أحدهما عالم به والآخر جاهل به. فالقسمة العقلية رباعية.
فإن كانا عالمين بانتفاء التكليف، فلا يصح التكليف؛ لانتفاء فائدته في حق المكلف.
وإن كانا جاهلين بانتفائه، فيصح، لحصول فائدته في حق المكلف، وصحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>