للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: [في حكم من لم يبلغه النسخ]

إذا نزل الناسخ، فهل يكون نسخًا في حق من لم يبلغه؟

قال القاضي: ظاهر كلام أحمد -رحمه الله- أنه لا يكون نسخًا؛ لأن أهل قباء بلغهم نسخ الصلاة، إلى بيت المقدس وهم في الصلاة فاعتدوا بما مضى من صلاتهم١.

وقال أبو الخطاب: يتخرج أن يكون نسخا؛ بناء على قوله٢ في الوكيل: "ينعزل بعزل الموكل وإن لم يعلم"؛ لأن النسخ بنزول الناسخ، لا بالعلم، إذ العلم لا تأثير له إلا في نفي العذر، ولا يمتنع وجوب القضاء على المعذور كالحائض، والنائم.

والقبلة يسقط استقبالها في حق المعذور، فلهذا لم يجب على أهل قباء الإعادة٣.


١ قصة تحويل القبلة: أخرجها البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، ومسلم: كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، من حديث البراء بن عازب وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم جميعًا- ولفظ ابن عمر قال: "بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة".
٢ أي: على قول الإمام أحمد في انعزال الوكيل، إلا أنه -رحمه الله تعالى- رويت عنه رواية أخرى أنه لا ينعزل، وتصرفاته نافذة، كما في المغني "٧/ ٢٣٤" ويرد على هذا التنظير: أن مسألة الوكيل فرع فقهي، فلا يكون أصلًا يقاس عليه، لأنه يلزم عليه الدور، حيث يكون الفرع متوقفًا على الأصل، والأصل متوقفًا على الفرع.
٣ هذا رد من أبي الخطاب على أصحاب المذهب الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>