وأجيب عن هذا الدليل: بأن جواز ترك الفعل فيما عدا الجزء الأخير لا يقتضي عدم وجوب الفعل، لأن الوجوب فيما عدا الجزء الأخير وجوب موسع، والذي ينافي الوجوب هو الترك في جميع أوقات الفعل، لا الترك في بعض الأجزاء والإتيان به في البعض الآخر. والوجوب في الوقت الأخير أصبح مضيقًا، بحيث إذا لم يفعله فيه خرج وقته كله. المذهب الثاني: أن المكلف إذا أتى بالفعل في أول الوقت، فإن جاء آخر الوقت والمكلف على صفة التكليف، بأن كان بالغًا، عاقلًا، خاليًا من الموانع الشرعية، كان فعله في أول الوقت واجبًا. وإن جاء آخر الوقت وقد زالت عن المكلف صفة التكليف، بأن جن المكلف، أو حاضت المرأة مثلًا، كان الفعل الذي فعله في أول الوقت مندوبًا، وهذا المذهب مروي عن الإمام الكرخي من أئمة الحنفية. وهذا المذهب من الضعف بحيث لا يحتاج إلى استدلال أو مناقشة. فهو مذهب مخالف لما عليه عامة الفقهاء، كما أنه مخالف لظاهر الآيات، وللأحاديث الصحيحة التي تثبت أن الواجب الموسع يجوز فعله في أي جزء من أجزاء هذا الوقت، وإن كان الأداء في أول الوقت فضلية. ١ يريد: قبل تضييق وقته، فلو أخره حتى ضاق الوقت فإنه يموت عاصيًا، كما لو أخر الصلاة لوقت لا يكفي لأدائها. ٢ هذا تعليل كونه لا يموت عاصيًا، وهذا الرأي هو الراجح عند المحققين من =