للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر قوم التعبد بالقياس في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ لأنه يمكن الحكم بالوحي الصريح، فكيف يردهم إلى الظن؟

وقال آخرون: يجوز للغائب، ولا يجوز للحاضر١.

ولنا:

قصة معاذ حين قال: "أجتهد رأيي": فصوّبه٢.

وقال لعمرو بن العاص٣: "احكم" في بعض القضايا، فقال: "أجتهد وأنت حاضر؟! " فقال: "نعم، إن أصبت فلك أجران، وإن أخطأت فلك أجر" ٤.


١ خلاصة المسألة: أن في الاجتهاد في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-عدة مذاهب:
أحدها: جواز ذلك للغائب أما الحاضر فلا بد فيه من إذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
ثانيهما: جوازه للغائب وللحاضر بدون إذن منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
ثالثها: منعه مطلقًا للغائب والحاضر، وهو منقول عن بعض الشافعية وبعض المعتزلة.
رابعًا: التوقف. ولم يذكره المصنف. انظر: شرح الطوفي "٣/ ٥٨٩".
٢ تقدم تخريجه.
٣ هو: عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي أحد أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، كان من دهاة العرب، وهو الذي فتح مصر في عهد عمر بن الخطاب. توفيى سنة ٤٣هـ. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي "٢/ ٢٣٥-٢٤٠"، الأعلام "٥/ ٢٤٨-٢٤٩".
٤ أخرجه أحمد في المسند "٤/ ٢٠٥"، والحاكم في المستدرك "٤/ ٨٨"، والدارقطني في سننه "٤/ ٢٠٣" ولفظه: أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-فقال لعمرو: "اقض بينهما" فقال: أقضي بينهما وأنت حاضر يا رسول الله؟! قال: "نعم، إنك إن أصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فاخطأت فلك أجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>