للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن داود وسليمان -عليهما السلام- حكَما بالاجتهاد، بدليل قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} . ولو حكما بالنص: لم يخص سليمان بالتفهيم، ولو لم يكن الحكم بالاجتهاد جائزًا، لما مدحهما الله – تعالى- بقوله: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} .

وأما انتظار الوحي٢:

فلعله حيث لم ينقدح له اجتهاد، أو حكم لا يدخله الاجتهاد.

وأما الاستفاضة:

فلعله لم يطلع عليه الناس٣.

وأما التهمة بتغير الرأي:

فلا تعويل عليه؛ فقد اتهم بسبب النسخ ولم يبطله ٤.


= المسلمين بالمدينة فأراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يحول بينهم وبين المسلمين، فعزم على أن يصالح "غطفان" على ثلث ثمار المدينة، وبعد أن كتب الصلح مع عيينة بن حص، وقبل أن يوقعه استشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فأشارا عليه بعدم ذلك، فأمر بمحو الصحيفة. رواه البزار والطبراني في الكبير، وانظر: السيرة النبوية لابن هشام "٢/ ٢٢٣"، مجمع الزوائد "٦/ ١٣٢".
١ سورة الأنبياء من الآية: "٧٩".
٢ بدأ المصنف يرد على أدلة المخالفين وأوّلها: أنه كان ينتظر الوحي ... إلخ، فأجاب: بأنه كان ينتظر الوحي عند تعارض مدارك الأحكام، ومسالك الاجتهاد، واستبهام وجه الحق والصواب، أما حين يظهر له ذلك فإنه كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يجتهد، هذا إذا كان الحكم اجتهاديًّا، أو كان لا يجتهد إذا كان الحكم لا يدخل تحت دائرة الاجتهاد.
٣ هذا ردٌّ على دليلهم الثاني، وهو قولهم: "لو اجتهد لنقل ذلك واستفاض". فأجاب المصنف: بأنّا لا نسلم أن من ضرورة وقوع الاجتهاد نقله، فضلًا عن استفاضته؛ فهناك العديد من القضايا وقعت ولم تنقل، كما لا نسلم أن ذلك لم ينتشر، بل هي مستفيضة ومشهورة. انظر في ذلك: شرح الطوفي "٣/ ٦٠٠".
٤ هذا هو الرد على الدليل الثالث، وهو: "أنه لو اجتهد لاختلف اجتهاده فيتهم". =

<<  <  ج: ص:  >  >>