للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن، فيكون حكمه، ما غلب على ظنه.

كمن يريد ركوب البحر فقيل له: إن غلب على ظنك الهلاك: حرم عليك الركوب، وإن غلب على ظنك السلامة: أُبِيْحَ لك الركوب، وقبل الظن لا حكم لله – تعالى- عليك سوى اجتهادك في تتبع ظنك.

فالحكم يتجدد١ بالظن، ويوجد بعده.

ولو شهد عند قاض شاهدان، فحكم الله – تعالى – عليه يترتب عليه ظنه:

إن غلب عليه الصدق: وجب قبوله.

وإن غلب على ظنه الكذب: لم يجب قبوله.

قلنا:

قولهم: "إنما يطلب غلبة٢ الظن".

فالظن- أيضًا- لا يكون إلا لشيء مظنون، ومن يقطع بانتفاء الحكم كيف يتصور أن يظن وجوده؟!؛ فإن الظن لا يتصور إلا لموجود، والموجود يتتبع الظن، فيؤدي إلى الدور.

وراكب البحر لا يطلب الحكم، إنما يطلب تعرّف الهلاك أو السلامة، وهذا أمر يمكن تعرّفه.

والحاكم إنما يطلب الصدق أو الكذب، وهذا غير الحكم الذي يلزمه، بخلاف ما نحن فيه؛ فإن المطلوب: هو الحكم الذي يعلم أنه لا وجود له، فكيف يتصور طلبه له؟!

ثم إذا علمنا أنه لا حكم لله- تعالى- في الحادثة، فلِمَ يجب الاجتهاد؟!


١ عبارة المستصفى: "يتبع".
٢ في الأصل: "عليه" والمثبت من نسخة الدكتور النملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>