للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: لا يجب١.

فقيل عنه: لعله تكافأ عنده الدليلان، فقال بهما على التخيير. أو علم الحق في أحدهما لا بعينه فقال ذلك، لينظر فيهما، فاخترمه الموت، أو نبه أصحابه على طريق الاجتهاد.

ولا يصح شيء من ذلك؛ فإن القولين لا يخلو:

إما أن يكونا صحيحين، أو فاسدين.

أو أحدهما صحيح، والآخر فاسد.

فإن كانا فاسدين: فالقول بهما حرام.

وإن كانا صحيحين، وهما ضدان: فكيف يجتمع ضدان؟!

وإن كان أحدهما فاسدًا، لم يخلُ:

إما أن يعلم فساد الفاسد، أولا يعلمه.

فإن علمه، فكيف يقول قولًا فاسدًا؟! أم كيف يلبّس٢ على الأمة بقول يحرم القول به؟!

وإن اشتبه عليه الصحيح بالفاسد، لم يكن عالمًا بحكم المسألة، ولا قول له فيها أصلًا، فكيف يكون له قولان؟!.

قولهم: "تكافأ عنده دليلان". قد أبطلناه٣.

ثم لو صح، فحكمه التخيير، وهو قول واحد.

وقولهم: "إنه علم الحق في أحدهما لا بعينه".


١ انظر: الأم "١/ ٢٥" طبعة دار المعرفة – لبنان.
٢ في المصباح المنير مادة "لبس": "ولبست الأمر لبسًا- من باب ضرب- خلطته، وفي التنزيل {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] . والتشديد مبالغة".
٣ في قوله- سابقًا: "وإن كانا صحيحين وهما ضدان، فكيف يجتمع ضدان؟! ".

<<  <  ج: ص:  >  >>