للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه متفق على صحته، وذلك مختلف فيه.

وأما الترجيح لأمر من خارج١:

فكترجيح أحد الخبرين بكونه ناقلًا عن حكم الأصل، مثل الموجب للعبادة أولى من النافي لها؛ لأن النافي جاء على مقتضى العقل، والآخر متأخر عنه، فكان كالناسخ له.

وكذلك رواية الإثبات مقدمة على رواية النفي؛ لأن المثبت معه زيادة علم خفيت على صاحبه٢.

قال القاضي: وإذا تعارض الحاظر والمبيح: قدم الحاظر؛ لأنه الأحوط. وقيل: لا يرجح بذلك٣.

ولا يرجح المسقط للحد على الموجب له، ولا الموجب للحرية على المقتضي للرق؛ لأن ذلك لا يوجب تفاوتًا في صدق الراوي فيما ينقله من لفظ الإيجاب والإسقاط.


١ وهو الوجه الثالث من وجوه الترجيح بين الأخبار.
٢ قال الطوفي: "إن نفي النافي إن استند إلى عدم العلم، كقوله: لم أعلم أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- صلّى بالبيت، ولم أعلم أن فلانًا قتل فلانًا، لم يلتفت إليه، وكان إثبات المثبت للصلاة، وقتل فلان مقدمًا لما سبق، وإن استند نفي النافي إلى علم بالعدم كقول الراوي: أعلم أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لم يصلِّ بالبيت؛ لأني كنت معه فيه، ولم يغب عن نظري طرفة عين فيه، ولم أره صلّى فيه، أو قال: أخبرني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنه لم يصلِّ فيه، أو قال: أعلم أن فلانًا لم يقتل زيدًا؛ لأني رأيت زيدًا حيًّا بعد موت فلان، أو بعد الزمن الذي أخبر الجارح أنه قتله فيه. فهذا يقبل؛ لاستناده إلى مَدْرك علمي، ويستوي هو وإثبات المثبت، فيتعارضان، ويطلب المرجح من خارج". شرح المختصر "٣/ ٧٠١".
٣ أي: أنهما يتساويان، فيحتاج إلى مرجح خارجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>