وقد اختار المصنف أن الأمر بالشيء الواجب يقتضي وجوب المقدمة، ولذلك قال: "فهو واجب كيفما كان". ١ اعتاد المصنف: أن يورد المذهب المخالف ضمنًا في صورة اعتراض، يدل على المذهب وعلى دليله، وهذا هو دليل المذهب الثاني الذي يرى أن الأمر بالشيء ليس أمرًا بما يتوقف عليه، سواء أكان سببًا أم شرطًا. وهناك مذهبان آخران أغفلهما المصنف: أحدهما: أن الخطاب الدال على إيجاب الشيء يدل على إيجاب السبب، دون الشرط، وحجة أصحاب هذا المذهب: أن ارتباط السبب بالمسبب أقوى وأشد من ارتباط الشرط بالمشروط، ولذلك يلزم من وجود السبب وجود المسبب، بخلاف الشرط، فلا يلزم من وجوده الوجود. ثانيهما: أن الخطاب الدال على إيجاب الشيء يستلزم إيجاب ما يتوقف عليه إن كان شرطًا شرعيًّا، أما إن كان شرطًا عقليًّا أو عاديًّا، أو سببًا فلا يقتضي ذلك، وهذا الرأي منسوب لإمام الحرمين. ومن خلال استعراض هذه المذاهب الأربعة نرى رجحان ما ذهب إليه ابن قدامة، من أن الأمر بالشيء يستلزم وجوب ما يتوقف عليه مطلقًا، سواء أكان =