للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاة معقولة بدون الغصب، والغصب معقول بدون الصلاة١، وقد اجتمع الوجهان المتغايران.

فنظيره: أن يقول السيد لعبده: خط هذا الثوب ولا تدخل هذه الدار، فإن امتثلت أعتقتك، وإن ارتكبت النهي عاقبتك، فخاط الثواب في الدار، حسن من السيد عتقه وعقوبته.

ولو رمى سهمًا إلى كافر فمرق منه إلى مسلم لاستحق سَلَب الكافر٢، ولزمته دية المسلم؛ لتضمن الفعل الواحد أمرين مختلفين.

ومن اختار الرواية الأولى٣ قال: ارتكاب النهي متى أخل بشرط العبادة أفسدها بالإجماع، كما لو نهى المحدث عن الصلاة، فخالف وصلى، ونية التقرب بالصلاة شرط، والتقرب بالمعصية محال، فكيف يمكن التقرب به، وقيامه وقعوده في الدار فعل هو عاص به، فكيف يكون متقربًا بما هو عاص به؟! وهذا محال.

وقد غلط من زعم أن في هذه المسألة إجماعًا٤؛ لأن السلف لم


١ أي يمكن وجود أحدهما بدون الآخر، كمن صلى ولم يغصب، أو غصب ولم يصل.
٢ سلب الكافر: ما على القتيل من ثياب وحلى وسلاح وإن كثر، وفي دخول الدابة وآلتها في السلب روايتان. وكون السلب للقاتل ثابت بأحاديث صحيحة، منها ما رواه البخاري عن أبي قتادة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل قتيلًا فله سلبه ... " قالها ثلاثًا في حديث طويل رواه البخاري في باب من لم يخمس الأسلاب حديث رقم "٣١٤٢" والمغازي رقم "٤٣٢١".
٣ وهي عدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة.
٤ حكى المصنف في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة مذهبين: أحدهما: أنها صحيحة، وثانيهما: أنهما غير صحيحة. وفيها مذهب مروي عن أبي بكر الباقلاني وغيره: أنها غير صحيحة، ولكن يسقط بها الفرض. =

<<  <  ج: ص:  >  >>