للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: يجوز ذلك ١:

وبدليل قوله تعالى: {وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه} ٢. والمحال لا يسأل دفعه.

ولأن الله -تعالى- علم أن أبا جهل ٣ لا يؤمن، وقد أمره بالإيمان وكلفه إياه.


= تغير ما سبق به العلم الأزلي، والتكليف بهذا النوع من المستحيل واقع شرعًا وجائز عقلًا وشرعًا بإجماع المسلمين، لأنه جائز ذاتي لا مستحيل ذاتي، والأقسام بالنظر إلى تعلق العلم قسمان واجب ومستحيل فقط، لأن العلم إما أن يتعلق بالوجود فهو واجب أو بالعدم فهو مستحيل ولا واسطة، والمستحيل العادي كتكليف الإنسان بالطيران إلى السماء بالنسبة إلى الحكم الشرعي كالمستحيل العقلي. وهذا هو حاصل كلام أهل الأصول في هذه المسألة، والآية لا دليل فيها على جواز التكليف شرعًا بما لا يطاق لأن المراد بما لا طاقة به هي الآصار والأثقال التي كانت على مَن قبلنا، لأن شدة مشقتها وثقلها تنزلها منزلة ما لا طاقة به. "مذكرة أصول الفقه ص٣٦-٣٧".
١ اسم الإشارة هنا عائد على المحال لذاته، أي: أجاز قوم التكليف به، واستدل له المصنف بثلاثة أدلة: أولها: الآية الكريمة، والثاني: قوله: "ولأن الله -تعالى- علم أن أبا جهل لا يؤمن" إلخ. ووجه الاستدلال به: أن أبا جهل قد أمر بالإيمان بكل ما أنزله الله تعالى، ومن بعض ذلك: أنه لا يؤمن، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} وأوضح من ذلك تمثيل بعض الأصوليين بأبي لهب، الذي نزلت في حقه صراحة سورة المسد، إذًا يكون هؤلاء مأمورون بأن يؤمنوا بأنهم لا يؤمنون، فقد صاروا مكلفين بأن يؤمنوا، وبأنهم لا يؤمنون، وهو جمع بين النقيضين. وسيتأتى الرد على ذلك.
٢ سورة البقرة من الآية: ٢٨٦.
٣ هو: عمرو بن هشام بن المغيرة المخرومي القرشي، كان شديد القرشي، كان شديد العداوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر الإسلام، كان أحد سادات قريش وأبطالها ودهاتها =

<<  <  ج: ص:  >  >>