للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..} ١.

ولأن الأمر: استدعاء وطلب، والطلب يستدعي مطلوبًا، وينبغي أن يكون مفهومًا بالاتفاق، ولو قال "أبجد هوّز" لم يكن ذلك تكليفا؛ لعدم عقل معناه.

ولو علم الأمر دون المأمور: به لم يكن تكليفا، إذ التكليف: الخطاب بما فيه كلفة، وما لا يفهمه المخاطب ليس بخطاب، وإنما اشترط فهمه ليتصور منه الطاعة، إذ كان الأمر: استدعاء الطاعة، فإن لم يكن استدعاءً لم يكن أمرا، والمحال لا يتصور الطاعة فيه، فلا يتصور استدعاؤه، كما يستحيل من العاقل طلب الخياطة من الشجر.

ولأن٢ الأشياء لها وجود في الأذهان قبل وجودها في الأعيان، وإنما يتوجه إليه الأمر بعد حصوله في العقل، والمستحيل لا وجود له في العقل فيمتنع طلبه.

ولأننا٣ اشترطنا: أن يكون معدوما في الأعيان ليتصور الطاعة فيه، فلذلك يشترط أن يكون موجودا في الأذهان، ليتصور إيجاده على وفقه.

ولأننا٤ اشترطنا كونه معلومًا ومعدومًا، وكون المكلف عاقلا فاهما؛ لاستحالة الامتثال بدونهما، فكون الشيء ممكنا في نفسه أولى أن يكون شرطا.


١ سورة الأنعام من الآية: ١٥٢ والآيتان هما الدليل الأول.
٢ هذا هو الدليل الثاني، وهو وما بعده أدلة عقلية، أوردها بعد الأدلة النقلية، التي منها الآيتان السابقتان.
٣ هذا هو الدليل الثالث.
٤ هذا هو الدليل الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>