للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا:

أما الأول: ففاسد؛ فإنا نقول: بل هو رفع لحكم ثابت لولاه لبقي ثابتًا، كالكسر في المكسور، والفسخ في العقود.

إذ١ لو قال قائل: إن الكسر إما أن يرد على معدوم أو موجود:

فالمعدوم لا حاجة إلى إعدامه، والموجود لا ينكسر٢، كان غير صحيح؛ لأن معناه: أن له من استحكام البنية ما يبقى لولا الكسر، وندرك تفرقته بين كسره، وبين انكساره بنفسه، لتناهي الخلل فيه، كما ندرك تفرقته بين فسخ الإجارة، وبين زوال حكمها: لانقضاء مدتها٣.

وبهذا فارق "التخصيص" "النسخ"؛ فإن التخصيص يدل على أنه أريد باللفظ: البعض٣.

وأما الثاني:

فإنه يراد بالنسخ: رفع تعلق الخطاب بالمكلف، كما يزول


١ لفظ "إذ" من المستصفى لتوضيح المعنى.
٢ عبارة المستصفى: "والوجود لا سبيل إلى إزالته".
٣ خلاصة الرد: أن ارتفاعه غير ممتنع؛ لأنه إما أن يرتفع بانتهاء مدته، وإما بالناسخ مع إرادة الشارع، قياسًا على كسر آنية من الأواني: فيقال: إن استحكام شكل الآنية يقتضي بقاء صورتها دائمًا، لولا ما ورد عليه من السبب الكاسر، فالكاسر قطع ما اقتضاه استحكام بنية الآنية دائمًا، لولا الكسر.
ومثل ذلك: فسخ عقد الإجارة، فإن الفسخ يقطع حكم العقد، ولولاه لدام العقد، فالفسخ قاطع لحكم العقد الدائم.
وبهذا فارق النسخ التخصيص، فإن التخصيص يبين لنا أن اللفظ يدل على البعض لا الكل، والنسخ يخرج عن اللفظ ما أريد الدلالة عليه.
انظر في ذلك: المستصفى "٢/ ٤٠، ٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>