للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما العقل:

فلا يمتنع أن يكون الشيء مصلحة في زمان دون زمان، ولا بُعْدَ في أن الله -تعالى- يعلم مصلحة عباده في أن يأمرهم بأمر مطلق حتى يستعدوا له فيثابوا، ويمتنعوا -بسبب العزم عليه- عن معاص وشهوات، ثم يخففه عنهم.

فأما دليله شرعًا:

فقال الله -تعالى-: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ... } ١، {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة....} ٢.


= مشهور، فهو يسميه تخصيصًا لا نسخًا,
قال المحلي في شرح جمع الجوامع "٢/ ٨٨": "النسخ واقع عند كل المسلمين، وسماه أبو مسلم الأصفهاني من المعتزلة تخصيصًا؛ لأنه قصر للحكم على بعض الأزمان، فهو تخصيص في الأزمان، كالتخصيص في الأشخاص.
فقيل: خالف في وجوده حيث لم يذكره باسمه المشهور، فالخلف الذي حكاه الآمدي وغيره عنه من نفيه وقوعه لفظي لما تقدم من تسميته تخصيصًا".
١ سورة البقرة من الآية: ١٠٦ وقد اعترض بعض العلماء على الاستدلال بهذه الآية على وقوع النسخ فقالوا: إن الآية تفيد صدق التلازم الحاصل بين الشرط والجزاء، وصدق هذا التلازم، لا يتوقف على وقوع الشرط والجزاء ولا على وقوعهما، بل إن التلازم يصدق ولو كان الشرط محالًا، كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين} [الزخرف: ٨١] .
وقد أجاب الإسنوي على ذلك بما حاصله: أن الآية مع قطع النظر عن سبب نزولها لا دلالة فيها على الجواز كما تقولون، ولكن إذا نظرنا إلى سبب النزول: وهو أن اليهود عابوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحوله عن بيت المقدس إلى البيت الحرام، فقالوا: إن محمدًا يأمر بالشيء، ثم ينهى عنه، فأنزل الله تعالى -ردًا عليهم-: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ... } انظر: نهاية السول "٢/ ٥٥٧" بهامشه سلم الوصول.
٢ سورة النحل من الآية: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>