للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الوصية: فإنها نسخت بآية المواريث، قاله ابن عمر١، وابن عباس٢. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا بقوله: "إن الله قد أعطى كل ذي


= متفق عليه، فكذلك لا تنسخ حكمه؛ لاشتراك لفظ القرآن وحكمه في القوة والتعظيم وصيانته عن أن يرفع بما هو دونه.
وأجاب المجوزون عن الآية: بأن المراد: نأت بخير منها في الحكم ومصلحته، والسنة تساوى القرآن في ذلك؛ إذ المصلحة الثابتة بالسنة قد تكون أضعاف المصلحة الثابتة بالقرآن، إما في عظم الأجر، بناء على نسخ الأخف بالأثقل، أو في تخفيف التكليف، بناء على نسخ الأثقل بالأخف. "شرح مختصر الروضة ٢/ ٣٢٢".
قال الغزالي في المستصفى "٢/ ١٠٤": "ليس المراد: الإتيان بقرآن آخر خير منها؛ لأن القرآن لا يوصف بكون بعضه خيرًا من البعض.... بل معناه: أن يأتي بعمل خير من ذلك العمل، لكونه أخف منه، أو لكونه أجزل ثوابًا".
وقد تقدم الرد على الاستدلال وما فيه.
وأما قولهم: "السنة لا تنسخ لفظ القرآن، فكذلك لا تنسخ حكمه".
فجوابه: أن هناك فرقًا بين لفظ القرآن وبين حكمه، إذ إن لفظ القرآن معجز، والسنة ليست معجزة، فلا تقوم مقامه في الإعجاز، فلا تقوى على نسخ لفظه، أما الحكم: فالمراد منه تكليف الخلق به، والسنة تقوم مقامه في ذلك.
قال الطوفي -رحمه الله- مبينًا السبب في هذا الخلاف:
"تلخيص مأخذ النزاع في المسألة: أن بين القرآن ومتواتر السنة جامعًا وفارقًا:
فالجامع بينهما: ما ذكرناه من إفادة العلم، وكونهما من عند الله -تعالى-.
والفارق: إعجاز لفظ القرآن، والتعبد بتلاوته، بخلاف السنة، فمن لاحظ الجامع، أجاز النسخ، ومن لاحظ الفارق منعه" شرح المختصر "٢/ ٣٢٣".
١ هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، صحابي جليل، هاجر إلى المدينة وعمره عشر سنوات، كان من أهل العلم والورع والعبادة، وكان شديد الاتباع لآثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أحد الستة المكثرين من الرواية. توفي بمكة سنة ٧٣هـ على الراجح. انظر: "الإصابة ٢/ ٣٤٧، تذكرة الحفاظ ١/ ٣٧".
٢ تقدمت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>