للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.................................................


= إلا شذوذ منهم قالوا: ما جاز التخصيص به جاز النسخ به وهو منقوض.... الخ".
ثم قال: وقال بعض أصحاب الشافعي: يجوز النسخ بالقياس الجلي، ونحن نقول: لفظ الجلي مبهم، فإن أرادوا المقطوع به، فهو صحيح. وأما المظنون فلا" ا. هـ.
وقد وضح الطوفي وجه عدم جواز النسخ فقال:
"الحكم الثابت بالقياس: إما أن يكون منصوص العلة، أو لا.
كالنص، ينسخ وينسخ به، أي: يكون ناسخًا ومنسوخًا، كما أن النص كذلك؛ لأن القياس لا بد وأن يستند إلى نص، فإذا كانت علة القياس منصوصًا عليها في ذلك النص، صار حكم القياس منصوصًا عليه بواسطة القياس، فيكون نصًّا يصح أن يكون ناسخًا ومنسوخًا.
مثال ذلك: لو قال الشارع: حَرَّمْت الخمر المتخذ من العنب؛ لكونه مسكرًا فإذا قسنا عليه نبيذ التمر المسكر في التحريم، كان تحريم هذا النبيذ حكمًا منصوصًا على علته، حتى كأنه قال: حرّمت نبييذ التمر المسكر، فلو فرض أن الشرع قال: أبحت نبيذ الذرة المسكر، جاز أن يكون تحريم نبيذ التمر المسكر، المستفاد من القياس، ناسخًا لذلك، إذا ثبت تأخره عن إباحة نبيذ الذرة، ومنسوخًا بإباحة نبيذ الذرة إذا ثبت تقدم تحريم نبيذ التمر، وذلك لأن تحريم نبيذ التمر، وإباحة نبيذ الذرة حكمان متضادان مع اتحاد علتهما، وهي الإسكار، فكان المتأخر منهما ناسخًا للمتقدم، كما لو قال: أبحت الخمر، ثم قال: حرمتها، أو بالعكس.
وأما إن لم يكن الحكم الثابت بالقياس منصوصًا على علته، لم يجز أن يكون ناسخًا ولا منسوخًا، لأن العلة إذا لم تكن منصوصة، فهي مستنبطة، واستنباطها هو باجتهاد المجتهد، واجتهاد المجتهد عرضة للخطأ، فلا يقوى على رفع الحكم الشرعي، بخلاف النص على العلة، فإنه حكم الشارع المعصوم من الخطأ، فهو يقوى على ذلك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>