للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بصحيح؛ لأن كتمان ذلك يجري -في القبح- مجرى الإخبار عنه بخلاف ما هو به، فلم يجز وقوع ذلك منهم وتواطؤهم عليه.

فإن قيل: قد ترك النصارى نقل كلام عيسى في المهد١؟


= بعده، فهي منصب إلهي، والتصديق به ركن من أركان الإيمان عندهم. وادعوا أن هناك نصوصًا تدل على إمامة علي كتمها الصحابة -رضي الله عنهم- مع كثرتهم، ووقوع ذلك منهم يدل على جواز كتمان الخبر المتواتر، واستندوا في ذلك إلى أحاديث بعضها صحيح، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في شأن "علي" -رضي الله عنه-: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" وهو حديث صحيح: أخرجه البخاري حديث رقم "٣٧٠٦" و"٤٤١٦" عن سعد بن أبي وقاص، ومسلم: حديث رقم "٢٤٠٤" والترمذي حديث رقم "٣٧٣١" وأحمد في المسند"١/ ١٧٣" والحديث وإن كان صحيحًا إلا أنه ليس صريحًا.
وأجاب المصنف على ذلك بقوله: وليس بصحيح؛ فإن كتمان ما يحتاج إلى النقل، يجري مجرى الكذب، والكذب محال في حق الصحابة -رضي الله عنهم- حيث أثنى عليهم الخالق -جل وعلا- في العديد من الآيات، كما أثنى عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتواطؤهم على الكذب محال، وكذلك تواطؤهم على الكتمان.
قال الشيخ: "ابن بدران": "وللجمهور أن يعارضوا الإمامية بالمثل، بأن يقولوا: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نص على إمامة أبي بكر نصًّا جليًّا متواترًا.." "نزهة الخاطر جـ١ ص٢٥٩".
ومن هذه النصوص: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر" وهو حديث صحيح وصريح، أخرجه أحمد في المسند "٥/ ٣٨٢، ٣٨٥، ٣٩٩، ٤٠٢" كما أخرجه الترمذي حديث "٣٦٦٣"، وابن ماجه حديث "٧٩" وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله "٢/ ٢٢٣" وصححه ابن حبان "٢١٩٣" والحاكم "٣/ ٧٥".
١ هذه شبهة: أوردها الإمامية دعمًا لرأيهم -في جواز كتمان الخبر المتواتر-، خلاصتها: أن النصارى تركوا كلام عيسى -عليه السلام- في المهد، مع أنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>