حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذًا -رضي الله عنه- على اليمن قال: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإن عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم واتق كرائم أموال الناس". أخرجه البخاري: ٢٤- كتاب الزكاة: ٤١، باب وجوب الزكاة ٣/ ٢٦١، وباب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة: ٣/ ٣٢٢، وباب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا: ٣/ ٣٥٧، وفي المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم: ٥/ ١٠١، وفي المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن ٨/ ٦٤، وفي التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى: ١٣/ ٣٤٧، ومسلم في الإيمان ١/ ٥٠. فقد أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبلغهم قبل كل شيء عقيدة التوحيد، وأن يعرفهم بالله عز وجل، وما يجب له وما ينزه عنه، فإذا عرفوه تعالى بلغهم ما فرض الله عليهم، وذلك ما فعله معاذ يقينًا، فهو دليل على أن العقيدة تثبت بخبر الواحد، وتقوم به الحجة على الناس، ولولا ذلك لما اكتفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإرسار معاذ وحده. ومن لم يسلم بما ذكرنا لزمه أحد أمرين لا ثالث لهما: ١- القول بأن رسله عليهم السلام ما كانوا يعلمون الناس العقائد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرهم بذلك، وإنما أمرهم بتبليغ الأحكام فقط، وهذا باطل لمخالفته لحديث معاذ المتقدم. ٢- أنهم كانوا مأمورين بتبليغها، وأنهم فعلوا ذلك، فبلغوا الناس كل العقائد الإسلامية ومنها هذا القول المزعوم: "لا تثبت العقيدة بخبر الآحاد" فإنه في نفسه عقيدة كما سبق، وعليه فقد كان هؤلاء الرسل رضوان الله عليهم يقولون للناس: آمنوا بما نبلغكم إياه من العقائد، ولكن لا يجب عليكم أن تؤمنوا بها لأنها خبر آحاد، وهذا باطل أيضًا كالذي قبله، وما لزم منه باطل فهو باطل، =