للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردت "عائشة" خبر "ابن عمر" في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه١.

قلنا: الجواب من وجهين:

أحدهما: أن هذا حجة عليهم؛ فإنهم قد قبلوا الأخبار التي توقفوا عنها بموافقة غير الراوي له، ولم يبلغ بذلك رتبة التواتر، ولا خرج عن رتبةالآحاد إلى رتبة التواتر.

والثاني: أن توقفهم كان لمعان مخصصة بهم.

فتوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في خبر "ذي اليدين" ليعلمهم: أن هذا الحكم لا يؤخذ فيه بقول الواحد١.


١ روى يحيي بن عبد الرحمن عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الميت يعذب ببكاء أهله عليه" فقالت عائشة -رضي الله عنها-: يرحمه الله، لم يكذب، ولكنه وهم، إنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل مات يهوديًّا: "إن الميت ليعذب، وإن أهله ليبكون عليه". حديث صحيح: رواه البخاري حديث "١٢٨٨" ومسلم حديث "٣٩١" والترمذي حديث "١٠٠" والنسائي "٤/ ١٧" ومالك في الموطأ "١/ ٢٣٤" بلفظ: "أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ".
١ خلاصة الرد الثاني: أن هذه الأخبار كان لها ظروف خاصة اقترفت بها: فخبر ذي اليدين، كان الناس كثيرين خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيهم من هو أضبط لأفعال الصلاة من ذي اليدين، فلذلك أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتأكد بوقوع ذلك.
وأما خبر "المغيرة" فلعل أبا بكر -رضي الله عنه- قد غلب فيه جانب الشهادة على المال، وهو يثبت حقًّا ماليًّا مؤبدًا، وهو ميراث الجدة، فكان ذلك مناسبًا للتوقف والتأكد.
وأما رد سيدنا عمر لخبر أبي موسى، فواضح الدلالة، حيث كان -رضي الله عنه- شديد الحرص على عدم دخول شيء في السنة ليس منها.
وأما حديث "ابن عمر" الذي ردته "عائشة" -رضي الله عنها- فإنما ردته لا من =

<<  <  ج: ص:  >  >>